كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ)): هذا هو الواقع قديمًا وحديثًا، والتنافس الآن في كل شيء، تنافس في المساكن، والأموال، والسيارات، والفُرُش وغير ذلك.

[٢٩٦٢] حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْعَامِرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رَبَاحٍ- هُوَ أَبُو فِرَاسٍ- مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ- حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ؟ ))، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ تَتَنَافَسُونَ، ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ، ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ، ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ))، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ((ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ، فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ)).
قوله: ((نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ))، يعني: نحمده ونشكره على نعمه، ونسأله المزيد من فضله.
وقوله: ((تَتَنَافَسُونَ، ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ، ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ، ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ)): التنافس إلى الشيء المسابقة إليه وكراهة أخذ غيرك إياه، وهو أول درجات الحسد، وأما الحسد فهو تمني زوال النعمة عن صاحبها والتدابر التقاطع، وأما التباغض فهو بعد هذا؛ ولهذا رتبت في الحديث، فكأن المدابرة أدنى من المباغضة، وقد تكون المدابرة والإعراض مع بقاء مودة، وتكون المباغضة بعد هذا (¬١).
وقوله: ((ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ، فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ))، أي: تجعلون بعضهم أمراء على بعض.
---------------
(¬١) إكمال المعلم، للقاضي عياض (٨/ ٥١٤)، شرح مسلم، للنووي (١٨/ ٩٧).

الصفحة 380