كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ))، ولم يقل له: خذ شاة، بل قال له: ((فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رُضِيَ عَنْكَ، وَسُخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ)).
وفيه: شاهد لقوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور}، وقوله تعالى: {ولكن أكثر الناس لا يشكرون}.
وفيه: أن شكر النعمة يكون بالاعتراف لله بالنعمة بالقلب، والثناء عليه باللسان، وصرفها في مرضاة الله عز وجل، وهذه أركان الشكر.

[٢٩٦٥] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ- وَاللَّفْظُ لِإِسْحَاقَ- قَالَ عَبَّاسٌ: حَدَّثَنَا، وقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي إِبِلِهِ، فَجَاءَهُ ابْنُهُ عُمَرُ، فَلَمَّا رَأَىهُ سَعْدٌ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ، فَنَزَلَ، فَقَالَ لَهُ: أَنَزَلْتَ فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ، وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ الْمُلْكَ بَيْنَهُمْ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ، فَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ)).
قوله: ((التَّقِيَّ))، أي: المتصف بالتقوى، وهي طاعة الله باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، وإخلاص العبادة له.
وقوله: ((الْغَنِيَّ)): قيل: المراد: غنى النفس، وقيل: المراد: غنى المال.
وقوله: ((الْخَفِيَّ)): هو الذي لا يحب الشهرة ولا يريدها.
قال النووي رحمه الله: ((قوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ)): المراد بالغنى: غنى النفس، هذا هو الغنى المحبوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وَلَكِنَّ الغِنَى غَنى النَّفْسِ))، وأشار القاضي إلى أن المراد: الغنى بالمال، وأما الخفي فبالخاء المعجمة هذا هو الموجود في النسخ والمعروف في الروايات،

الصفحة 387