كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

نَفْسِهِ، وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ، وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ))، يعني: أن الله تعالى يأذن لجوارح الإنسان أن تشهد عليه؛ حتى لا يكون له عذر، فيختم الله عز وجل على فِيه، ويقول لجوارحه: انطقي، فيتكلم الفخذ، واللحم، والعظام، والله تعالى على كل شيء قدير، قال تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}، وكذلك الجلود تشهد عليهم، كما قال تعالى: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا}، فيقُلْنَ له: {أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء}، فيقول: ((بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ))، أي: عنكن كنت أجادل، ثم تشهدون عليَّ! وهذا كله لينقطع عذره أمام الله عز وجل، وفي الحديث الآخر: ((لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ)) (¬١).
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (٢٧٦٠).

الصفحة 397