كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

الأجر والثواب في الآخرة؛ لأنه أشرف الخلق، وأفضلهم عليه الصلاة والسلام؛ ولأن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، وثبت في الحديث: ((لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ)) (¬١).
وقولها: ((مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يَوْمَيْنِ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ، إِلَّا وَأَحَدُهُمَا تَمْرٌ)) وفي لفظ عند البخاري: ((مَا أَكَلَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلَتَيْنِ فِي يَوْمٍ إِلَّا إِحْدَاهُمَا تَمْرٌ)) (¬٢)، فلا يأكلون مرتين في اليوم إلا كانت إحداهما تمرًا، وحتى التمر كان فيه قلة، كما سيأتي.

[٢٩٧٢] حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ حَدَّثَنَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنْ كُنَّا آلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَنَمْكُثُ شَهْرًا مَا نَسْتَوْقِدُ بِنَارٍ، إِنْ هُوَ إِلَّا التَّمْرُ وَالْمَاءُ.
[خ: ٢٥٦٧]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، إِنْ كُنَّا لَنَمْكُثُ- وَلَمْ يَذْكُرْ آلَ مُحَمَّدٍ- وَزَادَ أَبُو كُرَيْبٍ فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ: إِلَّا أَنْ يَأْتِيَنَا اللُّحَيْمُ.
في هذا الحديث: بيان حال النبي صلى الله عليه وسلم وما لاقاه من شظف العيش، فقد كان يأتي عليه الشهر ما يوقد في بيته نار، وإنما يعيشون على التمر والماء.
قوله: ((إِلَّا أَنْ يَأْتِيَنَا اللُّحَيْمُ)): اللحيم: تصغير لحم، يعني: أحيانًا كان يأتيه صلى الله عليه وسلم شيء من اللحم، إما هدية، أو ما أشبه ذلك، وفي الرواية الأخرى الآتية: ((وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهَا، فَيَسْقِينَاهُ)) (¬٣)، أي: شيء من اللبن يهدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
---------------
(¬١) أخرجه الترمذي (٢٣٢٠)، وابن ماجه (٤١١٠).
(¬٢) أخرجه البخاري (٦٤٥٥).
(¬٣) أخرجه البخاري (٢٥٦٧)، ومسلم (٢٩٧٢).

الصفحة 400