كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. ح، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، كِلَاهُمَا عَنْ سِمَاكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ: وَمَا تَرْضَوْنَ دُونَ أَلْوَانِ التَّمْرِ وَالزُّبْدِ.
في هذا الحديث: بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الزهد وشظف العيش، فيخبر النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه في آخر حياته بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قد تغيرت الأمور، فقال: أنتم الآن لا ترضون إلا بالتمر الجيد مع الزبد، والرسول صلى الله عليه وسلم في حياته لم يجد ما يملأ به بطنه من التمر الرديء، وهذا يقوله النعمان في زمانه زمن التابعين، فكيف بأوضاع زماننا هذا؟ !

[٢٩٧٨] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى- قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ يَخْطُبُ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا، فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مَا يَجِدُ دَقَلًا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ.
قوله: ((يَلْتَوِي))، أي: يتثنى من الجوع.
قال ابن الجوزي رحمه الله: ((وإنما جرى هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لثلاثة أشياء:
أحدها: أن البلاء يلصق بالأقوياء، ومنه: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ((قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ، فَالْأَمْثَلُ مِنَ النَّاسِ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ فِي بَلائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ، وَمَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى

الصفحة 405