كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

وقوله: ((فَإِنَّ لِي خَادِمًا، قَالَ: فَأَنْتَ مِنَ الْمُلُوكِ))، يعني: شاركتَ الملوك في الخدم.
وقوله: ((إِنْ شِئْتُمْ رَجَعْتُمْ إِلَيْنَا، فَأَعْطَيْنَاكُمْ مَا يَسَّرَ اللَّهُ لَكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ ذَكَرْنَا أَمْرَكُمْ لِلسُّلْطَانِ، وَإِنْ شِئْتُمْ صَبَرْتُمْ)): هكذا ينبغي للإنسان أن يتعامل مع من جاءه يشتكي الحاجة، بأن يخيره بين واحدة من أمور ثلاثة:
إما يعده أن يأتي مرة أخرى فيعطيه ما يسره الله.
وإما أن يذكر أمره لأحد الأغنياء، أو السلطان؛ حتى يعطى ما يسد حاجته.
وإما أن يأمره بالصبر والتحمل، وبذل الأسباب في طلب الرزق.
وقوله: ((إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا))، أي: أربعين سنة، وفي الحديث الآخر قوله صلى الله عليه وسلم: ((يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ، نِصْفِ يَوْمٍ)) (¬١)، وهو نصف يوم من أيام الآخرة، وفي هذا الحديث: أنهم يسبقونهم بأربعين خريفًا، قال الأُبِّي رحمه الله: ((قال القرطبي صاحب المفهم: اختلفت الأحاديث في المراد بهؤلاء الفقراء، وفي قدر التفاوت، وفي حديث عبد الله هذا أنهم فقراء المهاجرين، وأن القدر أربعون خريفًا، وفي الترمذي: أنهم فقراء المهاجرين، إلا أن القدر خمسمائة عام، وقال فيه: حديث حسن غريب، وفيه- أيضًا-: ((يَدْخُلُ الفُقَرَاءُ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَهُوَ نِصْفُ يَوْمٍ))، وقال فيه: حديث حسن صحيح، وفيه حديث: ((يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِنِصْفِ يَوْمٍ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ)) (¬٢)،
وقال فيه- أيضًا-: حديث حسن صحيح، فاختلفت هذه الأحاديث في موضعين من الفقراء الذين يسبقون، وفي قدر السبقية، ويرتفع الخلاف على الأول بأن يُرَدَّ حديث: ((يَدْخُلُ الفُقَرَاءُ)) إلى حديث:
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (١٠٩٥٤)، والترمذي (٢٣٥٣).
(¬٢) أخرجه أحمد (٨٥٢١)، والترمذي (٢٣٥٤)، وابن ماجه (٤١٢٢) ..

الصفحة 407