كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

((فُقَرَاء المُسْلِمِينَ))؛ لقاعدة: رد المطلق إلى المقيد، ويبقى حديث فقراء المهاجرين على ما هو عليه، ويخرج من ذلك: أن فقراء كل قرن يدخلون الجنة قبل أغنيائهم، وأما الموضع الثاني وهو الاختلاف في القدر؛ فالمراد بالخريف: السنة، ويمكن الجمع بين الأربعين وحديث خمسمائة بأن سُبَّاق الفقراء يسبقون سُبَّاق الأغنياء بأربعين عامًا، وفي غير سباق الأغنياء بخمسمائة عام؛ إذ في كل صنف من الفريقين سباق)) (¬١).
وقد اختلف العلماء في أيهما أفضل: الفقير الصابر، أم الغني الشاكر؟ على ثلاثة أقوال:
قيل: الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر.
وقيل: الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر.
وقيل: هما سواء.
والراجح: أن الغني الشاكر أفضل؛ لأن نفعه متعدٍّ، بخلاف الفقير الصابر فإن نفعه خاص بنفسه.
وفي هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يشكر نعمة الله عليه، وأن ينظر إلى من هو دونه في الدنيا في المال، والخَلق، كما سبق في الحديث: ((انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ؛ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ)) (¬٢).
---------------
(¬١) إكمال إكمال المعلم، للأبي (٧/ ٢٩٣).
(¬٢) أخرجه مسلم (٢٩٦٣).

الصفحة 408