كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

بَابُ مَنْ أَشْرَكَ فِي عَمَلِهِ غَيْرَ اللَّهِ

[٢٩٨٥] حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ)).
في هذا الحديث: وعيد شديد على الرياء.
وفيه: دليل على أن الشرك الأكبر يُحبط الأعمال كلها، ويُخرج من الملة، ولا يغفره الله، ويوجب الخلود في النار، وأما الشرك الأصغر كالرياء فإنه يحبط العمل الذي خالطه فقط، لكن الأعمال الأخرى لا تَبطل، ولا يخرج صاحبه من الملة، ولا يخلد في النار، وقد اختُلف قولين:
الأول: أنه يدخل تحت الموازنة بين السيئات والحسنات، فإن رجحت السيئات عُذِّب به، ثم يخرج، وإن رجحت الحسنات أسقط من الحسنات ما يقابل هذا الرياء.
والثاني: أن حكمه حكم الكبائر، فهو تحت مشيئة الله.
ولكن ظاهر الآية: أنه لا يُغفر، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، فالاية تشمل الشرك الأكبر، والشرك الأصغر، لكن الشرك الأكبر يخلد صاحبه في النار، والشرك الأصغر لا يخلد صاحبه في النار.

الصفحة 418