كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

الكتاب أفلا تعقلون}، وقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}، والمقت: أشد البغض، فمن يقول شيئًا ولا يفعله فهو ممقوت، وقال الله تعالى- عن نبيه شعيب عليه السلام-: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت}، وقال الشاعر الحكيم:
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِي مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ (¬١)
ومع ذلك فإن الإنسان عليه واجبان: واجب الأمر بالمعروف، وواجب العمل به، وواجب النهي عن المنكر، وواجب تركه، ولا يسقط أحدهما بسقوط الآخر، فإذا كان الإنسان لا يفعل المعروف، فلا يسقط عنه الأمر به، وإذا فعل المنكر فلا يسقط عنه النهي عنه.
وقوله: ((مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فِيمَا يَصْنَعُ؟ ))؛ وذلك لأن عثمان رضي الله عنه فعل أشياء في آخر خلافته اجتهادًا منه بما رأى أن فيه مصلحة، وخالفه فيها بعضُ الصحابة رضي الله عنهم.
---------------
(¬١) ديوان أبي الأسود الدؤلي (ص ٤٠٤).

الصفحة 424