كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ، وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا)) (¬١).

[٣٠٠٤] حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ- قَالَ هَمَّامٌ: أَحْسِبُهُ قَالَ: مُتَعَمِّدًا- فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)).
قوله صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ)): هذا كان في أول الأمر؛ خشية أن يختلط الحديث بالقرآن، ثم بعد ذلك لما أُمن اللبس وزال المحظور أذن النبي صلى الله عليه وسلم بالكتابة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ)) (¬٢)، وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: ((مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلا أَكْتُبُ)) (¬٣).
وكُتب عنه عليه الصلاة السلام كتاب في الصدقات، والديات، فعملت به الأمة، ولم ينكره أحد، وقد أمر عليه السلام أمته بالتبليغ، فإذا هي لم تكتب ذهب العلم.
وثبت أن عليًّا رضي الله عنه كانت عنده صحيفة فيها: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر، وأسنان الإبل (¬٤).
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (٢٨٩٢).
(¬٢) أخرجه البخاري (٢٤٣٤)، ومسلم (١٣٥٥).
(¬٣) أخرجه البخاري (١١٣).
(¬٤) أخرجه البخاري (١١١).

الصفحة 445