كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

الثانية: الوضع عنه بإسقاط بعض الدين.
وإنظار المعسر فريضة، والوضع عنه بإسقاط بعض الدين نافلة، والنافلة هنا أفضل من الفريضة، قال تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}، يعني: إن كان المدين معسرًا {فَنَظِرَةٌ}: خبر بمعنى الأمر، أي: أنظِره إلى وقت الإيسار، وهذا فرض واجب، {وأن تصدقوا} يعني: بإسقاط بعض الدين فهو {خير لكم}.
وقوله: ((أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ)): المراد ظل العرش، كما تقدم بيانه.
والقاعدة: أن ما أضيف لله عز وجل نوعان:
الأول: معانٍ لا تقوم بنفسها، فهذه صفات لله، مثل: العلم، والقدرة، والسمع، والبصر.
الثاني: أعيان قائمة بنفسها، فهذه إضافة مخلوق إلى خالقه، تفيد التشريف، كإضافة عبد الله، وناقة الله.
وقوله: ((قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ أَنَا: يَا عَمِّ، لَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلَامِكَ وَأَعْطَيْتَهُ مَعَافِرِيَّكَ، وَأَخَذْتَ مَعَافِرِيَّهُ وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ، فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ)): الحلة مكونة من ثوبين: إزار، ورداء، والمعنى: أن كل واحد منهما عليه حلة مكونة من ثوبين: إزار، ورداء، فأبو اليسر رضي الله عنه أخذ بردة، واتزر بها، والمعافير جعلها على كتفيه، وكذلك فعل مع الغلام الذي معه، فصار كل واحد عليه إزار من نوع، ورداء من نوع آخر، فقال له الوليد: لماذا لا تأخذ البردة التي معه وتجعلها معك، فتكون حلة متساوية لك، وتعطيه المعافري التي معك، وتكون حلة متساوية له، فيتحصل من ذلك: أن يكون مع أحدهما: معافير إزار، ومعافير رداء، والثاني: معه بردة إزار، وبردة رداء، أو العكس، فتكون الحلة متناسبة، فقال له: لا، أنا أريد أن أساويه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ)).

الصفحة 459