كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

وقوله: ((قَالَ: فَخَشَعْنَا)): الخشوع: السكون والتذلل.
وقوله: ((فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ)): فيه: إثبات هذه الصفات لله عز وجل، وهي: ((تَبَارَكَ وَتَعَالَى))، وتبارك من صفات الله تعالى الخاصة به، قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بروجًا}، وغيرهما من الآيات، فالله تعالى المبارِك وعبده المبارَك.
تنبيه: لهذا لا يقال: تباركت علينا، فهذا غلط؛ لأن تبارك خاص بالله تعالى، لكن يقال: تحصل البركة، أو أنت مبارك، كما قال الله تعالى على لسان عيسى عليه السلام: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ}، وكما قال أسيد بن الحضير رضي الله عنه وعباد بن بشر رضي الله عنه لعائشة: ((مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْر؟ )) (¬١)، يعني: من بركتكم التي جعلها الله فيكم.
وقوله: ((أَرُونِي عَبِيرًا))، أي: أمر بالعبير، وهو أخلاط تجمع بالزعفران، وهو نوع من الطيب.
وقوله: ((فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ)): فيه: مشروعية تطييب المساجد، وتبخيرها، والعناية بها، وفرشها، وتنظيفها، وجعل الخلوق فيها.
وقوله: ((فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى)): فيه: تحريم بصق المصلي من أمامه، أو عن يمينه، وجوازه عن يساره تحت رجله اليسرى، وهذا في غير المسجد، أما إذا كان في المسجد فإنه يبصق في منديل، أو نحوه.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٣٣٤)، ومسلم (٣٦٧).

الصفحة 463