كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

[٣٠٠٩] سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ، وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ، وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْقُبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَأَنَاخَهُ، فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ، فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ، فَقَالَ لَهُ: شَأْ، لَعَنَكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ هَذَا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ؟ )) قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((انْزِلْ عَنْهُ، فَلَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ، لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ)).
قوله: ((النَّاضِحُ)): هو البعير الذي يُستقَى عليه.
وقوله: ((يَعْقُبُهُ)): العُقبة- بضم العين-: ركوب هذا نوبةً، وهذا نوبةً.
وقوله: ((فَتَلَدَّنَ))، أي: تلكَّأ وتوقَّف.
وقوله: ((شَأْ)): بشين مفتوحة بعدها همزة ساكنة، وهي كلمة زجر للبعير.
وقوله: ((فَلَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ)): نهاه عن صحبته لهم في تلك الساعة؛ تعزيرًا له وزجرًا له ولغيره، ولم تزل ملكية صاحبه له، بل هو في ملكه، وقد سبقت قصة الجارية التي لعنت ناقتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خُذُوا مَا عَلَيْهَا، وَدَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا مَلعُونَةٌ)) (¬١).
وقوله: ((لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً)): فيه: النهي عن الدعاء على الأنفس والأولاد والأموال، وعلَّل النهيَ بأن الدعاء قد يوافق ساعة إجابة.
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (٢٥٩٥).

الصفحة 465