كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ. ح، وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، كِلَاهُمَا عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ البَرَاءِ قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَبِي رَحْلًا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وقَالَ فِي حَدِيثِهِ: مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، فَلَمَّا دَنَا دَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَاخَ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهِ، وَوَثَبَ عَنْهُ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُخَلِّصَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، وَلَكَ عَلَيَّ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَاءِي، وَهَذِهِ كِنَانَتِي، فَخُذْ سَهْمًا مِنْهَا؛ فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغِلْمَانِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ، قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِي إِبِلِكَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا، فَتَنَازَعُوا أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((أَنْزِلُ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ))، فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَوْقَ الْبُيُوتِ وَتَفَرَّقَ الْغِلْمَانُ، وَالْخَدَمُ فِي الطُّرُقِ يُنَادُونَ: يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
في هذا الحديث: بيان الثمن الذي اشترى به أبو بكر رضي الله عنه الراحلة، وهو ثلاثة عشر درهمًا.
وقوله: ((وَلَكَ عَلَيَّ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَاءِي))، يعني: لأخفين أمركم عمن ورائي وألبسه عليهم، حتى لا يتبعوكم، وقوله: ((وَهَذِهِ كِنَانَتِي، فَخُذْ سَهْمًا مِنْهَا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغِلْمَانِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ))، يعني: يكون سهمُ كنانتي علامةً لغلماني في الطريق، حتى إذا أتيتهم وأعطيتهم العلامة عرفوها وأعطوك ما شئتَ من اللبن، أو الغنم، أو الإبل، وظاهر هذا: أن سراقة له إبل، وله رعاة في الطريق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا حَاجَةَ لِي فِي إِبِلِكَ))، أي: لا نحتاج إلى شيء من ذلك.

الصفحة 480