كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

سُجَّدًا؛ أي: يركعون تعظيمًا لله عز وجل، والركوع يسمى السجود، وذلك شكرًا لله.
وفيه: عتو بني إسرائيل، وعنادهم، وتمردهم على أنبيائهم، ومعارضتهم لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
وفيه: أنهم غيروا في القول، وفي الفعل؛ بسبب عتوهم وعنادهم.
أما في الفعل: فلما أمرهم الله تعالى أن يدخلوا الباب سجدًا دخلوه يزحفون.
وأما في القول: فقد غيروا، وقالوا: حنطة في شعرة، أو: حبة في شعرة، فزادوا النون في (حطة) فصارت (حنطة)، أو غيروها من (حطة) إلى (حبة) سخرية واستهزاء- لعنهم الله-، فغيروا في القول وفي الفعل- عياذًا بالله.
والجهمية الذين أنكروا صفات الله عز وجل- أيضًا- غيروا؛ ففسروا- مثلًا-: {استوى} باستولى، فزادوا لامًا، كما أن اليهود زادوا نونًا في {حِطَّة}؛ ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله:
أُمِرَ اليَهُودُ بِأَنْ يَقُولُوا حِطَّةً ... فَأَبَوْا وقَالُوا حِنْطَةً لِهَوانِ
وَكَذَلِكَ الجَهْمِيُّ قِيلَ لَهُ اسْتَوَى ... فَأَبَى وَزَادَ الحَرْفَ لِلنُّقْصَانِ
قَالَ اسْتَوَى اسْتَوْلَى وَذَا مِنْ جَهْلِهِ ... لُغَةً وَعَقْلًا مَا هُمَا سِيَّانِ (¬١)
وفيه: الحث على امتثال أوامر الله عز وجل، واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم، فالواجب على المسلم أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يتبع الأوامر، وأن يَحْذَر من التغيير والتبديل.
ولما فعل هؤلاء هذا مع نبيهم ورفضوا الانقياد لموسى عليه الصلاة والسلام، وقالوا له: {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون}، أي: لا يمكن أن ندخل البلدة التي فيها قوم جبارون ما داموا فيها، قال لهم: إن الله
---------------
(¬١) القصيدة النونية، لابن القيم (ص ١٢١).

الصفحة 486