كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} قَالَتْ: أُنْزِلَتْ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْيَتِيمَةُ، وَهُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا، وَلَهَا مَالٌ، وَلَيْسَ لَهَا أَحَدٌ يُخَاصِمُ دُونَهَا، فَلَا يُنْكِحُهَا لِمَالِهَا، فَيَضُرُّ بِهَا، وَيُسِيءُ صُحْبَتَهَا، فَقَالَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، يَقُولُ: مَا أَحْلَلْتُ لَكُمْ، وَدَعْ هَذِهِ الَّتِي تَضُرُّ بِهَا.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْله: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قَالَتْ: أُنْزِلَتْ فِي الْيَتِيمَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، فَتَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ، فَيَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ، فَيَعْضِلُهَا، فَلَا يَتَزَوَّجُهَا، وَلَا يُزَوِّجُهَا غَيْرَهُ.
في هذا الحديث: أن هذه الآية نزلت في الولي كابن العم، يكون عنده اليتيمة فتكون عندها مال، فيضُرُّ بها ولا يُزَوِّجُهَا، بل يبقيها عنده حتى تموت، فيرثها؛ لأنه لو زَوَّجَها لشاركه زَوْجُهَا في إرثها، فهو لا يريد أن يتزوجها؛ لأنها ليست جميلة، ولا يُزَوِّجُها غَيْرَهُ؛ خشيةَ أن يُشاركه الزَوْجُ في إرثها إذا ماتت.
وفيه: أن الواجب عليه أن يُزَوِّجَهَا، وأن يتقي الله عز وجل.
وهذا موجود عند بعض الناس، يُبقي موليته اليتيمة عنده تخدمه، أو تخدم زوجته، أو ترعى إبله أو غنمه، وهذا من الظلم والجور، والواجب عليه أن يُزَوِّجَهَا، وأن يلتمس لإبله أو غنمه خادمًا أو راعيًا.

الصفحة 492