كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}، أي: إذ جاء الأحزاب وتحزبوا وتجمعوا وأحاطوا بالمدينة.
وفي هذا الحديث: أن هذه الآيات نزلت في غزوة الأحزاب، وتسمى- أيضًا- غزوة الخندق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حفر خندقًا حول المدينة بمشورة سلمان الفارسي رضي الله عنه، وقد كان معروفًا في فارس، فلما جاء الأحزاب وأحاطوا بالمسلمين أشار سلمان رضي الله عنه بأن يُحفر خندق حول المدينة، وأن يجعل حرس في المداخل، فلما جاءت الأحزاب ليدخلوا المدينة وجدوا المدينة كلها محاطة بحَفْرٍ ما كانت لتستطيع عبوره ومجاوزته مباشرة، فتسقط فيه الخيل والإبل، فقال بعضهم: هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها.

[٣٠٢١] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا ... } الْآيَةَ، قَالَتْ: أُنْزِلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، فَتَطُولُ صُحْبَتُهَا، فَيُرِيدُ طَلَاقَهَا، فَتَقُولُ: لَا تُطَلِّقْنِي، وَأَمْسِكْنِي، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنِّي، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ.
[خ: ٢٤٥٠]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قَالَتْ: نَزَلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَسْتَكْثِرَ مِنْهَا، وَتَكُونُ لَهَا صُحْبَةٌ وَوَلَدٌ، فَتَكْرَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ لَهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ شَأْنِي.
في هذا الحديث: أن المرأة تكون عند رجل، ويريد أن يطلقها، ويكون لها أولاد وهي لا تريد أن تُطلَّق، فتقول له: أنا أُسقط بعض حقي وتبقيني، فَتُسْقِط بعض حقها؛ كليلتها مثلًا، أو بعض النفقة.
ومن هذا الباب: أن سودة بنت زمعة رضي الله عنها- زوج النبي صلى الله عليه وسلم- لما كبر سنها

الصفحة 495