كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

((الْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ))، فكل ما يخامر العقل ويغطيه- بأي وسيلة- يسمى خمرًا، سواء كان مشروبًا، أو مشمومًا.
وقد تُصنع الخمر من التمر، ويسمى هذا النوع: المريس، يُصَبُّ عليه الماء، ويبقى ثلاثة أيام في الحر ليتخمر، كذلك العنب يعصرونه، وكذلك الشعير والبر والحنطة يُعصر، ويُصَبُّ عليه الماء في شدة الحر، ويبقى ثلاثة أيام في الغالب.
والآن وُجدت أنواع كثيرة لا حصر لها من المشروبات، وكلها إذا خامرت العقل فهي حرام.
وفيه: أنه قد تخفى بعض مسائل العلم على بعض العلماء مع جلالتهم ووافر علمهم.
وقوله: ((وَثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ وَدِدْتُ- أَيُّهَا النَّاسُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَهِدَ إِلَيْنَا فِيهَا: الْجَدُّ، وَالْكَلَالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا)): هذه الثلاثة أُشكلت على عمر رضي الله عنه، وهي معلومة.
فأُشكل على عمر رضي الله عنه: هل يرث الجد مع الإخوة، أو لا يرث، والصواب الذي تدل عليه النصوص- وهو اختيار الصِّديق رضي الله عنه- (¬١): أن الجد حكمه حكم الأب؛ لأن الله تعالى سمى الجد أبًا، قال الله تعالى: {واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء}.
وكذلك أشكلت الكلالة على عمر رضي الله عنه، وجاء تفسيرها بأنها: ميراث من لا ولد له، ولا والد (¬٢)، قال الله تعالى: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك}
---------------
(¬١) فتح الباري لابن حجر (١٢/ ١٩).
(¬٢) تفسير ابن كثير (٢/ ٤٨٢)، أضواء البيان، للشنقيطي (١/ ٢٢٨).

الصفحة 512