كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

قال مالكٌ: وعلى هذا الأمرُ عِندَنا فيمن حُصِرَ بالعدُوِّ، كما حُصِرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ، فأمّا من حُصِرَ بغيرِ عدُوٍّ، فإنَّهُ لا يَحِلُّ دُونَ البيت (¬١). وقولُ الشّافِعيِّ في هذا البابِ كلِّهِ، كقولِ مالكٍ سَواءٌ.
واختلفُوا إذا حَصَرهُ العدُوُّ بمكّةَ (¬٢).
فقال مالكٌ: يَتحلَّلُ بعَمَلِ عُمرةٍ، كما لو حَصَرهُ العدُوُّ في الحِلِّ، إلّا أن يكونَ مكِّيًّا، فيخرُجَ إلى الحلِّ، ثُمَّ يتحلَّل بعُمرة (¬٣).
وقال الشّافِعيُّ: الإحصارُ بمكّةَ وغيرِها سواءٌ.
وقال أبو حنيفةَ: إذا أتى مكّةَ مُحرِمًا بالحجِّ، فلا يكونُ محُصرًا.
وقال مالكٌ: من وقفَ بعرَفةَ، فليسَ بمُحصرٍ، ويُقيمُ على إحرامِهِ، حتّى يطُوفَ بالبيتِ ويَهدي (¬٤). ونحوَ ذلك قال أبو حَنِيفةَ، وهُو أحَدُ قولي الشّافِعيِّ.
وقال الحسنُ بن حيٍّ: يكونُ مُحصَرًا. وهُو أحدُ قولي الشّافِعيِّ أيضًا.
وقال مالكٌ: من فاتَهُ الحجُّ، تحلَّل بعَملِ عُمرةٍ، وعليه الحجُّ من قابِلٍ والهديُ. وهُو قولُ الثَّوريِّ.
وقال أبو حنيفةَ: يتَحلَّلُ بعُمرةٍ، ولا هَدْيَ عليه، وعليه الحجُّ من قابل (¬٥).
وقال الأوزاعيُّ: يعمَلُ ما أدرَكَ من عَملِ الحجِّ ويقضي.
واختلفَ أهلُ اللُّغةِ في لفظِ الإحصارِ، والحَصْرِ، فقال بعضُهُم: أحْصَرهُ
---------------
(¬١) انظر: الاستذكار ٤/ ١٧٠.
(¬٢) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٩٢ (٦٥٤) ومنه ينقل.
(¬٣) وانظر: الاستذكار ٤/ ١٨٢. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(¬٤) وانظر: الاستذكار ٤/ ١٧٢، وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(¬٥) وانظر: الاستذكار ٤/ ١٨٢.

الصفحة 11