كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

المرضُ، وحَصَرهُ العدُوُّ. واحتجَّ من ذهبَ هذا المذهبَ بقولِ ابن عبّاسٍ: لا حصْرَ إلّا حَصْرُ العدُوِّ (¬١).
وقال بعضُهُم: يُقالُ فيهما جميعًا: أحصرهُ. واحتجَّ من ذهَبَ إلى هذا بقولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] وأنَّها نزلت بالحُديبيةِ.
والحِلاقُ عِندَ مالكٍ وأصحابِهِ نُسُكٌ واجِبٌ على الحاجِّ والمُعتمِرِ، وعلى المُحصَرِ بعدُوٍّ أو بمَرض (¬٢).
قال أبو حنيفةَ: ليسَ على المُحصَرِ تَقْصيرٌ ولا حِلاقٌ (¬٣).
وقد رُويَ عن أبي يوسُفَ، أنَّ ذلكَ عليه لا بُدَّ لهُ منهُ، يحلِقُ أو يُقصِّرُ (¬٤).
واختلفَ أصحابُ الشّافِعيِّ في هذه على قَوْلينِ، أحدِهِما: أنَّ الحِلاقَ نُسُكٌ. والآخر: ليسَ الحِلاقُ من نُسُكٍ (¬٥).
واختلفَ العُلماءُ أيضًا في وُجُوبِ الهدي على المُحصَرِ (¬٦).
فقال مالكٌ: لا هديَ على المُحصَرِ بعدُوٍّ (¬٧).
وقال أبو حنيفةَ وأصحابُهُ: عليه الهديُ. وهُو قولُ الشّافِعيِّ وأشهَبَ (¬٨).
واختلفُوا في البَدَنةِ والبَقَرةِ، هل تُجزِئُ عن سبعةٍ مُحصَرينِ أو مُتمتِّعينَ أم لا؟
---------------
(¬١) أخرجه الشافعي في مسنده، ص ٣٦٧، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٢١٩، من طريق عمرو بن دينار، عن ابن عباس، به.
(¬٢) انظر: الاستذكار ٤/ ٣١٣.
(¬٣) مختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٩٠.
(¬٤) كذلك.
(¬٥) التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي، ص ٧٧.
(¬٦) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٨٧ إذ منه ينقل المصنف ما يأتي.
(¬٧) وانظر: الاستذكار ٤/ ١٧٠.
(¬٨) وانظر: الاستذكار ٤/ ١٧١.

الصفحة 12