كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

فندِمَ، فأتى صاحِبهُ فقال: بيني وبينكَ أبو بَرْزةَ صاحِبُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأتيا أبا بَرْزةَ في ناحيةِ العَسْكرِ، فقَصّا عليه القِصَّةَ، فقال: أترْضيانِ أن أقْضِي بينكُما بقَضاءِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيِّعانِ بالخيارِ ما لم يَفْترِقا". قال هشامُ بن حسّان: وحدَّثَ جَميل، أنَّهُ قال: ما أراكُما افتَرَقتُما.
قال أبو عُمر: جميلُ بن مُرَّةَ يُكْنَى أبا الوسميِّ (¬١)، بصريٌّ، ثِقةٌ عندَ أحمد بن حَنْبل وغيرِهِ، رَوَى عنهُ حمّادُ بن زيدٍ، وجماعةٌ. وأبو الوضيء السَّحتنيُّ (¬٢)، قال أحمدُ بن صالح: تابِعيٌّ، بَصْريٌّ ثِقةٌ، سمِعَ أبا بَرْزةَ، والحسن بن عليٍّ، وغيرهُما، روى عنهُ هشامُ بن حسّان، وجَميلُ بن مُرَّةَ.
وقال الطَّحاويُّ (¬٣): حديثُ أبي بَرْزةَ هذا قال فيه جميلُ بن مُرَّةَ، عن أبي الوَضِيء: باعَ صاحِبٌ لنا فرسًا. وقال فيه: أقَمْنا يومَنا وليلتَنا، فلمّا كان من الغَدِ. وقال هشامُ بن حسّان، عن أبي الوضيء: إنَّهُمُ اخْتَصمُوا إلى أبي بَرْزةَ في جاريةٍ. وفيه: بيات المُشْتري مع البائع، فلمّا أصبحَ قال: لا أرْضاها. وبعضُهُم يقولُ فيه: فنامَ معها. قال أبو جَعْفرٍ: ولا شكَّ إذا كانا قد أقاما بعد تبايُعِهِما يومًا وليلةً، أنَّهُما قد قاما إلى غائطٍ، أو بَوْلٍ، أو صَلاةٍ، وقد قام (¬٤) إلى إسراج الفرسِ، وقد قامَ معَها في قِصَّةِ الجاريةِ، وهذا عندَ الجميع تَفرُّقٌ. قال: فمعنَى قولِ أبي برزةَ في التَّفرُّقِ هاهُنا: التَّفرُّقُ بالبيع، لأنَّ أحدهُما ادَّعى البيعَ، والآخرَ جَحَد.
---------------
(¬١) في ظا: "أبا الوضيء". وهو جميل بن مرة الشيباني البصري. انظر: تهذيب الكمال ٥/ ١٣٠.
(¬٢) في الأصل: "السحسي"، وفي ظا: "السحمي"، وفي ض: "السحيمي". وكل ذلك تحريف وتصحيف، وهو عباد بن نُسيب القيسي، أبو الوضيء السَّحتني. انظر: الإكمال لابن ماكولا ٥/ ٣٢، وتهذيب الكمال للمزي ١٤/ ١٦٩، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين ٥/ ٦٥.
(¬٣) انظر: شرح معاني الآثار ٤/ ١٣، وشرح مشكل الآثار ١٣/ ٢٧٦، ٢٧٧.
(¬٤) في ض، م: "أو قام".

الصفحة 460