كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

وقال ابنُ شُبرُمةَ والثَّوريُّ: لا يجُوزُ اشْتِراطُ الخيارِ للبائع بحال.
وقال الثَّوريُّ: إنِ اشترط البائعُ الخيارَ، فالبيعُ فاسِدٌ. قال: ويجُوزُ شرطُ الخيارِ للمُشتري عشرةَ أيام وأكثر.
وقال الحسنُ بن حيٍّ: إذا اشْتَرى الرَّجُلُ الشَّيءَ، فقال لهُ البائعُ: اذهَبْ فأنتَ فيه بالخيارِ. فهُو فيه بالخيارِ أبدًا، حتَّى يقولَ: قد رَضِيتُ. وقال: ما أدري ما الثَّلاثُ إذا باعَهُ فقد رَضِيَ، وإن كانت جاريةً بِكْرًا فوَطِئَها، فقد رَضِي.
وقال عُبيدُ الله بن الحَسنِ: لا يُعجِبُني طُولُ (¬١) الخيارِ، وكان يقولُ: للمُشتري الخيارُ ما رَضِيَ البائعُ.
ولا يجُوزُ عندَ مالكٍ النَّقدُ في بيع الخيارِ، فإنِ اشتُرِط النَّقدُ في بيع الخِيارِ، فالبيعُ فاسِدٌ (¬٢).
وفي مذهبِ أبي حنيفةَ أيضًا: لا يجِبُ نَقْدُ الثَّمنِ مع بَقاءِ الخيارِ، فإنِ اشتُرِطَ نقدُ الثَّمنِ مع بَقاءِ الخيارِ (¬٣)، فالشَّرطُ فاسِدٌ، والبيعُ صَحِيحٌ.
قال أبو عُمر: أمّا الخبرُ الذي يزعُمُ الشّافِعيُّ أَنَّهُ لولاهُ ما جازَ الشَّرْطُ أصلًا للباع ولا للمُشتري، وإنَّما أجازَهُ ثلاثًا من أجلِهِ، فحديثُ سُفيان بن عُيَينةَ، رواهُ الشّافِعيُّ (¬٤) والنّاسُ عنهُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن نافِع، عن ابنِ عُمرَ: أنَّ مُنقِذًا
---------------
(¬١) في ظا: "طوال".
(¬٢) انظر: المدونة الكبرى ٣/ ٢٣٢.
(¬٣) قوله: "فإن اشترط نقد الثمن مع بقاء الخيار" سقط من الأصل.
(¬٤) في السنن المأثورة (٢٦٦). وأخرجه الحميدي في مسنده (٦٦٢)، وابن الجارود في المنتقى (٥٦٧)، والدارقطني في سننه ٤/ ٧ (٣٠٠٨)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٢٢، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٢٧٣، وفي السنن الصغرى ٢/ ١٦٩ - ١٧٠ (١٨١٤) من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه أحمد في مسنده ١٠/ ٢٨٢ - ٢٨٣ (٦١٣٤) من طريق ابن إسحاق، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٤٦٩ - ٤٧٠ (٧٧٧٢).

الصفحة 463