كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)
شُجَّ في رأسِهِ مأمُومةً (¬١) في الجاهِليَّةِ، فخبَلَتْ (¬٢) لِسانهُ، فكان يُخْدَعُ (¬٣) في البَيْع، فقال لهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "بِعْ وقُل: لا خِلابةَ، ثُمَّ أنتَ بالخِيارِ، ثلاثًا من بيعِكَ".
وحديثُ أيُّوبَ وهشام بن حسّان، عن محمدِ بن سيرينَ، عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال: "منِ ابتاعَ مُصرّاةً، فهُو بالخيارِ ثلاثةَ أيام" (¬٤).
ورَوَى عُبيدُ الله بن عُمرَ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج، عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثلهُ (¬٥).
وسنذكُرُ المُصرّاةَ، والحُكم فيها، وما للعُلماءِ في ذلك، في بابِ أبي الزِّنادِ، من كِتابِنا هذا إن شاءَ الله.
وجماعةُ الفُقهاءِ بالحِجازِ والعِراقِ يقولُونَ: إنَّ مُدَّةَ الخِيارِ إذا انْقَضت قبلَ أن يفسَخَ من لهُ الخيارُ البيعَ، تمَّ البيعُ ولزِمَ. وبه قال المُتأخِّرُونَ من الفُقهاءِ أيضًا: أبو ثَوْرٍ، وغيرُهُ.
إلّا أنَّ مالكًا قال: إذا اشترطَ المُشْتري (¬٦) الخيار لنَفسِهِ ثلاثًا، فأتَى به بعد مغيبِ الشَّمسِ من آخِرِ أيام الخيارِ، أو من الغَدِ أو قُربَ ذلك، فلَهُ أن يرُدَّ،
---------------
(¬١) المأمومة: هي الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ. انظر: لسان العرب ١٢/ ٣٣.
(¬٢) في م: "فحبلت". والخبل: فساد الأعضاء. انظر: لسان العرب ١١/ ١٩٦.
(¬٣) في م: "مخدعًا".
(¬٤) سيأتي بإسناده من عدة طرق في الحديث الحادي والعشرين لأبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تلقوا الركبان". وهو في الموطأ ٢/ ٢١٦ (١٩٩٥). وانظر تخريجه هناك.
(¬٥) سيأتي تخريجه في الموضع المذكور.
(¬٦) قوله: "المشتري" لم يرد في الأصل.