كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)
وجائزٌ الخِيارُ عندَ مالكٍ وأصحابِهِ إلى غيرِ مُدَّةٍ معلُومةٍ (¬١)، إذا جعلَ الخِيارَ بغيرِ مُدَّةٍ معلُومةٍ، ويجعلُ السُّلطانُ لهُ في ذلكَ من الخيارِ ما يَكُونُ في مِثلِ تلكَ السِّلعةِ.
وقال أبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ: إذا جُعِلَ الخيارُ بغيرِ مُدَّةٍ معلُومةٍ (¬٢)، فسَدَ البيعُ، كالأجلِ الفاسِدِ سَواءً، فإن أجازَهُ في الثَّلاثِ، جازَ عندَ أبي حنيفةَ، وإن لم يُجِزهُ حتَّى مَضتِ الثَّلاثُ، لم يكُن لهُ أن يُجيز (¬٣).
وقال أبو يوسُف ومحمدٌ: لهُ أن يختارَ بعدَ الثَّلاثِ.
وقياسُ قولِ الشّافِعيِّ عِندي في هذه المسألةِ، أن يكونَ البيعُ فاسِدًا، ولا يجُوزُ وإن أجازَهُ في الثَّلاثِ.
وقالت طائفةٌ، منهُمُ الحسنُ بن حيٍّ وغيرُهُ: جائزٌ اشتِراطُ الخيارِ بغَيرِ مُدَّةٍ، ويكونُ الخيارُ أبدًا.
وقال الطَّبريُّ: إذا لم يَضْرِب للخيارِ وقتًا معلُومًا، كان البيعُ صحيحًا، والثَّمنُ حالًّا، وكان لهُ الخيارُ في الوَقتِ، إن شاءَ أمْضَى، وإن شاءَ ردَّ.
وعندَ مالكٍ والشّافِعيِّ وعُبيدِ الله بن الحسنِ: يُورَّثُ الخيارُ، ويقومُ ورَثةُ الذي لهُ الخيارُ مَقامهُ، إن مات في أيام الخيارِ.
وقال الثَّوريُّ وأبو حنيفةَ: يبطُلُ الخيارُ بمَوتِ من لهُ الخيارُ، ويتِمُّ البيعُ.
وعندَ مالكٍ واللَّيثِ بن سَعْدٍ والأوزاعيِّ: هلاكُ المبيع في أيامِ الخيارِ من
---------------
(¬١) قوله: "إلى غير مدة معلومة" سقط من الأصل.
(¬٢) "معلومة" لم ترد في الأصل.
(¬٣) انظر: الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، ص ٣٤٣.