كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

وقال أبو ثَوْرٍ، وذكَرَ نفلَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في البَداءةِ والرُّجُوع، وحديثُ ابنِ عُمرَ هذا، ثُمَّ قال: وإنَّما النَّفلُ قبلَ الخُمُس (¬١).
وقال الأوزاعيُّ وأحمدُ بن حَنْبل: جائزٌ للإمام أن يُنفِّلَ في البَداءةِ الرُّبُع بعدَ الخمُسَ، وفي الرَّجعةِ الثُّلثُ بعدَ الخُمُسِ. وهُو قولُ الحَسنِ البصريِّ (¬٢)، وجَماعةٍ.
وقال النَّخعيُّ: كان الإمامُ يُنفِّلُ السَّريَّةَ (¬٣) الثُّلُث والرُّبُع، يُضَرِّيهِم (¬٤)، أو قال: يُحرِّضُهُم بذلكَ على القِتال (¬٥).
وقال مَكْحُولٌ والأوزاعيُّ: لا يُنفِّلُ بأكثرَ من الثُّلثِ. وهُو قولُ الجُمهُورِ من العُلماءِ: لا نفلَ أكثرُ من الثُّلثِ.
وقال الأوزاعيُّ: فإن زادَهُم على ذلك فلْيَفِ لهم به، ويجعل ذلك من الخُمُس.
وقال الثَّوريُّ في أميرٍ أغارَ، فقال: من أخذَ شيئًا، فهُو لهُ. هو (¬٦) كما قال، ولا بأسَ أن يقول الإمامُ: من جاءَ برأسٍ، فلهُ كذا، ومن جاءَ بأسيرٍ (¬٧) فلهُ كذا، يُضَرِّيهِم.
قال الحسنُ البصريُّ رحِمهُ الله: ما نفَّل الإمامُ، فهُو جائزٌ (¬٨).
ورُوِيَ عن عُمرَ بن الخطّابِ، أنَّهُ قالَ لجريرِ بن عبدِ الله البَجَليِّ لمّا قدِمَ
---------------
(¬١) وانظر: الاستذكار ٥/ ٤٥. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(¬٢) انظر: الأموال لأبي عبيد (٨٠٦)، والأموال لابن زنجوية (١١٨٠).
(¬٣) "السرية" لم ترد في الأصل.
(¬٤) في م: "يغريهم". وكلاهما بمعنًى. وضري الشيء، إذا اعتاده وأولع به. انظر: لسان العرب ١/ ٣٧٥.
(¬٥) انظر: الأمول لأبي عبيد (٨٠٧)، والأموال لابن زنجوي (١١٨١).
(¬٦) هذا الحرف سقط من م.
(¬٧) في م: "باليد".
(¬٨) انظر: الأمول لأبي عبيد (٨٠٨)، والأموال لابن زنجوية (١١٨٢، ١١٨٣).

الصفحة 483