كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

قال: وكلُّ ما وقعَ عليه اسمُ غنيمةٍ خُمسَ إلّا السَّلَب، فإنَّهُ خرجَ بما يجِبُ التَّسليمُ لهُ. وهُو قولُ الشّافِعيِّ.
واحتجُّوا أيضًا مع حديثِ ابنِ مَسْلمةَ، بحديثِ مَعْنِ بن يزيد السُّلميِّ، قال: سمِعتُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا نَفْلَ إلّا بعدَ الخُمُسِ" (¬١).
قال محمدُ بن جريرٍ: ولا نفلَ بعد إحرازِ الغَنيمةِ، إلّا من سَهْم النَّبيِّ عليه السَّلامُ، لأنَّهُ مُحالٌ أن يُنفَّلَ من أموالِ المُوجِفينَ، أو من سَهْم ذي القُربَى واليَتامى والمساكينِ وابنِ السَّبيلِ.
قال: وإنَّما النَّفلُ قبلَ الغَنيمةِ، وذلك أن يَرَى الإمامُ من المُسلِمين ضعفًا، ومِن المُشرِكينَ نشاطًا، وهُو مُحاصِرٌ حِصنًا، فيُحرِّضُ من مَعهُ على عدُوِّهِم، فيقولُ: من طلَعَ إلى الحِصْنِ، أو هَدَمَ هذا السُّور، أو دخلَ هذا النَّقْب، أو فعلَ كذا، فلهُ كذا وكذا. على ما كان من قولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يوم بدرٍ وغير بدرٍ، إغراءً منهُ بالعدُوِّ. وقال: والسَّلَبُ غيرُ النَّفلِ.
قال أبو عُمرَ: سيأتي القولُ في السَّلَبِ وحُكْمِهِ، وهل يُخمَّسُ أم لا؟ في مَوْضِعِهِ من كِتابِنا هذا، عندَ ذِكرِ حديثِ أبي قَتادةَ (¬٢) في ذلكَ، في بابِ يحيى بن سَعيدٍ، إن شاءَ الله.
واختلَفَ العُلماءُ أيضًا في النَّفلِ في أوَّلِ مَغْنم، وفي النَّفلِ في العَيْنِ من الذَّهَبِ والفِضَّة (¬٣)، فذهَبَ الشّاميُّون إلى أن لا نفلَ في أوَّلِ مَغْنم. رُوي ذلك عن رَجاءِ بن حَيْوةَ، وعُبادةَ بن نُسيٍّ، وعديِّ بن عديٍّ الكِنْديٍّ، ومَكْحُولٍ،
---------------
(¬١) أخرجه أحمد في مسنده ٢٥/ ١٩٤ (١٥٨٦٢)، وأبو داود (٢٧٥٣، ٢٧٥٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ٢٤٢، والطبراني في الأوسط ٤/ ١١٤ (٣٧٤٨)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٣١٤، من حديث معن بن يزيد، به، وفيه قصة. وانظر: المسند الجامع ١٥/ ٣٧٣ (١١٧١٨).
(¬٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٨٥ (١٣١١).
(¬٣) هذه الكلمة سقطت من م.

الصفحة 485