كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

به أو لم يُنادِ، لا يَشْرَكُهُ فيه غيرُهُ من المُوجِفينَ، ولا يُخَمَّسُ (¬١) السَّلبُ عندَ أكثرِهِم، وسَنُبيِّنُ ذلكَ ووُجُوههُ في بابِ يحيى بن سَعيدٍ، إن شاءَ الله.
ومعلُومٌ أنَّ السَّلَبَ من الغَنِيمةِ، فدلَّ ما ذكَرْنا عنهُم، أَنَّهُ مخصُوصٌ عندَهُم من جُملةِ ما غَنِمُوا.
ومن ذلك أيضًا النَّفلُ، قد أجمعُوا أنَّ الآيةَ مخصُوصةٌ بما فعلَ رسُولُ - صلى الله عليه وسلم - من الأنفالِ في غَزَواتِهِ، إلّا أنَّهُمُ اختلفُوا، فقال قائلُون: الأنفالُ من الخُمُسِ، لأنَّ المُوجِفينَ قدِ اسْتَحقُّوا الأربعةَ أخماسٍ. وهذا قولُ مالكٍ وغيرِه (¬٢).
قالوا: لا يكونُ النَّفلُ من رأسِ الغَنِيمةِ، ولا قبلَ القِتالِ، لأنَّهُ قِتالٌ على الدُّنيا.
قالوا: وإذا كان من رأسِ الغَنيمةِ، كان من مالِ المُوجِفينَ وأهلِ الخُمُسِ جميعًا.
وقال آخرُونَ: لا يكونُ النَّفلُ إلّا من خُمُسِ الخُمُسِ، سَهْمِ النَّبيِّ عليه السَّلامُ، وهذا مذهبُ الشّافِعيِّ (¬٣) وجماعةٍ، ذَهبُوا إلى أنَّ الخُمُس مَقْسُومٌ على خَمْسةِ أسهُم، أحدُها خُمُسُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
وقال آخرُونَ: لا نفلَ إلّا من رأسِ الغَنِيمةِ قبلَ أن تُحرَز الغَنيمةُ، فإذا أُحْرِزتِ اسْتَحقَّها أهلُها المُوجِفُونَ وأهلُ الخُمُسِ، وهُو قولُ الكُوفيِّين وجَماعةٍ قد ذكَرْناهُم.
وقال آخرُونَ: النَّفلُ جائزٌ قبلَ إحْرازِ الغَنِيمةِ وبَعْدها، لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد فعَلَ ذلك كلَّهُ، وأجازَهُ (¬٤) لمن فَعلهُ، وثبتَ ذلك عنهُ.
---------------
(¬١) في م: "يختص".
(¬٢) انظر: الاستذكار ٥/ ٤٤.
(¬٣) انظر: الأم ٤/ ١٤٢.
(¬٤) في الأصل: "وأختاره".

الصفحة 487