كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

عن عُبيدِ الله، عن نافِع، عن ابنِ عُمرَ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سَبَّقَ بين الخيلِ، وفضَّلَ القُرَّحَ في الغايةِ.
وحدَّثنا خلفُ بن القاسم، قال: حدَّثنا أبو الطّاهرِ محمدُ بن أحمد بن يحيى، قال: حدَّثنا موسى بن هارُون الحمّالُ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن حَنْبل وأبو خَيْثمةَ، قالا: حدَّثنا عُقبةُ بن خالدٍ، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بن عُمرَ، عن نافِع، عن ابنِ عُمرَ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سَبَّقَ بين الخيلِ، وفضَّلَ القُرَّح في الغاية (¬١).
قال أبو عُمرَ: إن صحَّ حديثُ عُقبةَ هذا، ففيه دليلٌ على أنَّ التي كانت قد ضُمِّرتْ من الخيلِ المذكُورةِ في هذا الحديثِ، كانت قُرَّحًا، والله أعلمُ.
وأمّا أقاويلُ الفُقهاءِ في هذا البابِ (¬٢)، فإنَّ مالكًا قال: سَبَقُ الخيلِ، أحبُّ إليَّ من سَبَقِ الرَّميِ. قال: ويكونُ السَّبقُ على الخَيْلِ، على نحوِ ما يُسبِّقُ الإمامُ، فإن كان المُسَبِّقُ غير الإمام، فعلَ كما يفعلُ الإمامُ، ولا يجبُ أن يُرجعَ إليه شيءٌ مِمّا أخرجَ في السَّبَق.
وقال اللَّيثُ: قال ربيعةُ، في الرَّجُلِ يُسَبِّقُ القومَ (¬٣) بشيءٍ: إنَّ سبَقهُ لا يرجِعُ إليه.
وقال اللَّيثُ: ونحنُ نَرَى إن كان سبَّقَ سَبَقًا يجُوزُ السَّبقُ في مِثلِهِ، أنَّ سَبَقهُ جائزٌ، فإن سُبِقَ، أُخِذَ ذلك منهُ، وإن سبَقَ، أحرَزَ سَتقهُ. ذكَرَهُ ابنُ وَهْب، عن اللَّيثِ.
قال: وقال مالكٌ: أرَى أن يُخرِجهُ على كلِّ حالٍ: سبَقَ، أو لم يسبِقْ، على مِثلِ السُّلطانِ.
---------------
(¬١) أخرجه ابن حبان ١٠/ ٥٤٣ (١٠٥٤٣) من طريق ابن أبي خيثمة، به. وانظر ما قبله.
(¬٢) تنظر أقاويل الفقهاء في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٥١٦ فمنه ينقل المؤلف.
(¬٣) في الأصل: "يسبق الإمام"، وفي م: "سبق القوم"، وما هنا يعضده ما ذكره المؤلف في الاستذكار ٥/ ١٣٩.

الصفحة 508