كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

وكان الشّافِعيُّ رحِمهُ الله، لا يَرَى أن يَجمَعَ المريضُ بين الصَّلاتينِ (¬١).
وقال اللَّيثُ: يجمعُ المريضُ والمبطُونُ (¬٢).
وقال أبو حَنِيفةَ (¬٣): يجمعُ المريضُ بين الصَّلاتينِ كجَمْع المُسافِرِ عِندَهُ، على ما قدَّمنا ذِكرَهُ في (¬٤) البابِ قبلَ هذا عنهُ: يُصلِّي الظُّهرَ في آخِرِ وقتِها، والعصرَ في أوَّلِ وقتِها. لا يجُوزُ لهُ، ولا للمُسافِرِ عِندهُ وعِندَ أصحابِهِ غيرُ هذا، وأمّا في المطرِ، فلا يُجمَعُ عِندهُم على حال، ومن حُجَّتِهِم:
ما حدَّثناهُ محمدُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن مُطرِّفٍ، قال: حدَّثنا سعيدُ بن عُثمانَ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا سُفيانُ بن عُيَينةَ، عن عَمرِو بن دينارٍ، عن جابرِ بن زيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: صَلَّينا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثمانيًا جميعًا، وسبعًا جميعًا. قال عمرٌو: قلتُ: يا أبا الشَّعثاءِ، أظُنُّهُ أخَّر الظُّهرَ وعجَّلَ العصرَ (¬٥)، وأخَّرَ المغرِبَ وعجَّلَ العِشاءَ؟ قال: أنا أظُنُّ ذلكَ (¬٦).
رواهُ قُتَيبةُ بن سعيدٍ، عن ابن عُيينةَ، بإسنادِهِ مِثلهُ، فأقحَمَ (¬٧) في الحديثِ قولَ أبي الشَّعْثاءِ وعَمرِو بن دينارٍ.
أخبرنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: أخبرنا حمزةُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن
---------------
(¬١) الأوسط لابن المنذر ٢/ ٤٣٥.
(¬٢) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٩٢.
(¬٣) المبسوط للشيباني ١/ ٢٢٤، والأوسط لابن المنذر ٢/ ٤٣٥.
(¬٤) زاد هنا في م: "هذا".
(¬٥) زاد هنا في م: "وأخر العصر".
(¬٦) أخرجه الشافعي في السنن المأثورة (٢٣)، وابن أبي شيبة (٨٣١٢)، وأحمد في مسنده ٣/ ٣٩٨ (١٩١٨)، والبخاري (١١٧٤)، ومسلم (٧٠٥) (٥٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٦٠، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٦٦، من طريق ابن عيينة، به.
(¬٧) في ظا: "وأقحم الحديثَ".

الصفحة 63