كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

شُعَيب، قال (¬١): حدَّثنا قُتيبةُ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرِو بن دينارٍ، عن جابرِ بن زَيْدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: صَلَّيتُ مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينةِ ثمانيًا جميعًا، وسبعًا جميعًا، أخَّر الظُّهرَ، وعجَّلَ العصرَ، وأخَّرَ المغرِبَ، وعجَّل العِشاءَ.
قال أبو عُمر: الصَّحيحُ في حديثِ ابن عُيينةَ هذا، غيرُ ما قال قُتَيبةُ، حينَ جعلَ التَّأخيرَ والتَّعجيلَ في الحديثِ، وإنَّما هُو ظنُّ عَمرٍو وأبي الشَّعثاءِ.
حدَّثنا سعيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا الحُميديُّ، قال (¬٢): حدَّثنا سفيانُ، قال: حدَّثنا عَمرُو بن دينارٍ، قال: أخبرني جابرُ بن زيدٍ، قال: سَمِعتُ ابنَ عبّاسٍ يقولُ: صَلَّيتُ مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينةِ ثمانيًا جميعًا، وسبعًا جميعًا. قلتُ لهُ: يا أبا الشَّعثاءِ، أظُنُّهُ أخَّرَ الظُّهرَ وعجَّلَ العصرَ، وأخَّرَ المغرِبَ، وعجَّلَ العشاءَ؟ قال: وأنا أظُنُّ ذلك.
قال أبو عُمر: هذا جمعٌ مُباحٌ في الحَضَرِ والسَّفرِ، إذا صلَّى الأُولى في آخِرِ وقتِها، وصلَّى الثّانيةَ في أوَّلِ وقتِها؛ لأنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد صلَّى به جِبريلُ عليه السَّلامُ، وصلَّى هُو بالنّاسِ في المَدِينةِ، عِندَ سُؤالِ السّائلِ عن وَقْتِ الصَّلاةِ، فصلَّى في آخِرِ وقتِ الصَّلاةِ، بعد أن صلَّى في أوَّلهِ، وقال للسّائلِ: "ما بينَ هَذَينِ وقتٌ" (¬٣).
وعلى هذا تصِحُّ رِوايةُ من رَوَى: لئلّا يُحرِجَ أُمَّتَهُ. ورِوايةُ من رَوى: للرُّخصةِ.
وهذا جمعٌ جائزٌ في الحَضَرِ وغَيرِ الحضرِ، وإن كانتِ الصَّلاةُ في أوَّلِ وَقْتِها أفضلَ، وهُو الصَّحيحُ في معنى حديثِ ابن عبّاسٍ لمن (¬٤) لم يتأوَّلْ فيه المطرَ، وتأوَّلَ ما قال أبو الشَّعثاءِ وعَمرُو بن دينارٍ، وبالله التَّوفيقُ.
---------------
(¬١) أخرجه في المجتبى ١/ ٢٨٦.
(¬٢) أخرجه في مسنده (٤٧٠).
(¬٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٥ (٣).
(¬٤) هذا الحرف سقط من م.

الصفحة 64