كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 8)

وأمّا المعرُوفُ في هذا الحديثِ، فجاءَ بلَفْظِ النَّكِرةِ، فكلُّ ما وقَعَ عليه اسمُ مَعرُوفٍ، لَزِمَهم، وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يأمُرُ إلّا بمَعرُوف، وقد قيلَ: إنَّ المعرُوفَ هاهُنا: أنْ لا يَنُحْنَ على موتاهُنَّ، ولا يَخلُوَنَّ رجُلٌ بامرأة، ذكر مَعْمرٌ، عن قَتادةَ، قال: أخَذَ عليهنَّ أن لا ينُحْنَ، ولا يَخلُونَّ بحديثِ الرِّجالِ، إلّا مع ذي مَحْرم (¬١).
أخبرنا عبدُ الوارثِ بنُ سُفيانَ، قِراءةً منِّي عليه، أنَّ قاسمَ بن أصبَغَ حدَّثهُم، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا موسى بن مُعاويةَ، قال حدَّثنا: وكيعٌ، عن سفيانَ، عن منصُورٍ، عن سالم، في قولِهِ: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [المتحنة: ١٢] قال: النَّوحُ (¬٢).
قال: وحدَّثنا وكيعٌ، عن يزيدَ مولى الصَّهباءِ، عن شَهْرِ بن حَوْشبٍ، عن أُمِّ سَلَمةَ (¬٣)، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "النَّوحُ" (¬٤).
قال: وحدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن زيدِ بن أسلمَ: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} قال: لا يَنْشُرْنَ شعرًا، ولا يَخدِشْنَ وَجْهًا، ولا يَدْعُونَ وَيْلًا (¬٥).
---------------
(¬١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٩٨٣٠)، والطبري في تفسيره ٢٣/ ٣٤٢، من طريق معمر، به.
(¬٢) أخرجه الطبري في تفسيره ٢٣/ ٣٤١، من طريق سفيان، عن منصور، به. ومن طريق جرير، عن منصور، به أيضًا.
(¬٣) أم سلمة هذه هي أم سلمة الأنصارية، واسمها أسماء بنت يزيد بن السكن بن قيس (تهذيب الكمال ٣٥/ ١٢٨). وقد توهم أحمد يرحمه الله فذكر هذا الحديث في مسند أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أورده المزي في تحفة الأشراف (١٥٧٦٩) في مسند أسماء بنت يزيد. وينظر كتابنا: المسند المصنف المعلل ٣٦/ ٨٣ (١٧٣٣٥).
(¬٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٢٢٢٧)، وأحمد في مسنده ٤٤/ ٣١٠ (٢٦٧٢٠)، وابن ماجة (١٥٧٩)، والطبري في تفسيره ٢٣/ ٣٤٤، من طريق وكيع، به. وأخرجه الترمذي (٣٣٠٧)، والطبراني في الكبير ٢٤/ ١٨١ (٤٥٨) من طريق يزيد، به. وانظر: المسند الجامع ١٩/ ٦٦ (١٥٨٠٤).
(¬٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٢٢٣٥) عن وكيع، به. والطبري في تفسيره ٢٣/ ٣٤١، من طريق سفيان، به.

الصفحة 76