كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

وَأَوْرَدَهُ الْوَاقِدِيُّ بِسَنَدٍ آخَرَ مَوْصُولٍ وَزَادَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ آلَافِ فَرَسٍ فَتُحْمَلُ رِوَايَةُ مَعْقِلٍ عَلَى إِرَادَةِ عَدَدِ الْفُرْسَانِ وَلِابْنِ مَرْدَوْيهِ وَلَا يَجْمَعُهُمْ دِيوَانٌ حَافِظٌ يَعْنِي كَعْبٌ بِذَلِكَ الدِّيوَان يَقُول لايجمعهم دِيوَانٌ مَكْتُوبٌ وَهُوَ يُقَوِّي رِوَايَةَ التَّنْوِينَ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَلَا تُخَالِفُ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِي الْإِكْلِيلِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَالَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا جَبَرَ الْكَسْرَ وَقَوْلُهُ يُرِيدُ الدِّيوَانَ هُوَ كَلَامُ الزُّهْرِيِّ وَأَرَادَ بِذَلِكَ الِاحْتِرَازَ عَمَّا وَقَعَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ دَوَّنَ الدِّيوَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ قَالَ كَعْبٌ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ فَمَا رَجُلٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَلَّ رَجُلٌ قَوْلُهُ إِلَّا ظَنَّ أَنَّهُ سَيَخْفَى فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَنْ سَيَخْفَى بِتَخْفِيفِ النُّونِ بِلَا هَاءٍ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّ ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ قَوْلُهُ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بن عقبَة عَن بن شِهَابٍ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ فِي لَيَالِي الْخَرِيفِ وَالنَّاسُ خَارِفُونَ فِي نَخِيلِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ وَأَنَا أَقْدَرُ شَيْءٍ فِي نَفْسِي عَلَى الْجِهَازِ وَخِفَّةِ الْحَاذِ وَأَنَا فِي ذَلِكَ أَصْغُو إِلَى الظِّلَالِ وَالثِّمَارِ وَقَوْلُهُ الْحَاذِ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ الْحَالُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَقَوْلُهُ أَصْغُو بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَضَمِّ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَمِيلُ وَيُرْوَى أَصْعُرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْملَة بعْدهَا رَاء وَفِي رِوَايَة بن مَرْدَوْيهِ فَالنَّاسُ إِلَيْهَا صُعُرٌ قَوْلُهُ حَتَّى اشْتَدَّ النَّاسُ الْجِدَّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ الْجِدُّ فِي الشَّيْءِ وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ وَضَبَطُوا النَّاسَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ الْفَاعِلُ وَالْجِدَّ بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ هُوَ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيِ اشْتَدَّ النَّاس الاشتداد الْجد وَعند بن السَّكَنِ اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ بِرَفْعِ الْجِدِّ وَزِيَادَةِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الَّذِي فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ وَالْجِدُّ عَلَى هَذَا فَاعِلٌ وَهُوَ مَرْفُوعٌ وَهِيَ رِوَايَةُ مُسلم وَعند بن مَرْدَوْيهِ حَتَّى شَمَّرَ النَّاسُ الْجِدَّ وَهُوَ يُؤَيِّدُ التَّوْجِيهَ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ من جهازي بِفَتْح الْجِيم وبكسرها وَعند بن أبي شيبَة وبن جَرِيرٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ كَعْبٍ فَأَخَذْتُ فِي جهازي فأمسيت وَلم أفرع فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ فِي غَدٍ قَوْلُهُ حَتَّى أَسْرَعُوا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَتَّى شَرَعُوا بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ قَوْلُهُ وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ زَادَ فِي رِوَايَة بن مَرْدَوْيهِ وَلَمْ أَفْعَلْ قَوْلُهُ وَتَفَارَطَ بِالْفَاءِ وَالطَّاءِ وَالْمُهْمَلَةِ أَيْ فَاتَ وَسَبَقَ وَالْفَرْطُ السَّبْقُ وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ حَتَّى أَمْعَنَ الْقَوْمُ وَأَسْرَعُوا فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِلتَّجْهِيزِ وَتَشْغَلُنِي الرِّجَالُ فَأَجْمَعْتُ الْقُعُودَ حِينَ سبقني الْقَوْم وَفِي رِوَايَة أحمدمن طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ كَعْبٍ فَقُلْتُ أَيْهَاتَ سَارَ النَّاسُ ثَلَاثًا فَأَقَمْتُ قَوْلُهُ مَغْمُوصًا بَالِغِينِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَطْعُونًا عَلَيْهِ فِي دِينِهِ مُتَّهَمًا بِالنِّفَاقِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مُسْتَحْقَرًا تَقُولُ غَمَصْتُ فُلَانًا إِذَا اسْتَحْقَرْتُهُ قَوْلُهُ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ بِغَيْرِ صَرْفٍ لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةٍ تَبُوكًا عَلَى إِرَادَةِ الْمَكَانِ قَوْلُهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ مِنْ قَوْمِي وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَهَذَا غَيْرُ الْجُهَنِيِّ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِيمَنِ اسْتُشْهِدَ بِالْيَمَامَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ السَّلَمِيَّ بِفَتْحَتَيْنِ فَهُوَ هَذَا وَالَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ هُوَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ اتِّفَاقًا إِلَّا مَا حَكَى الْوَاقِدِيُّ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ أَبُو قَتَادَةَ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ قَوْلُهُ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفِهِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكُنِّيَ بِذَلِكَ عَنْ حُسَنِهِ وَبَهْجَتِهِ وَالْعَرَبُ تَصِفُ الرِّدَاءَ بِصِفَةِ الْحُسْنِ وَتُسَمِّيهِ عِطْفًا لِوُقُوعِهِ عَلَى عِطْفَيِ الرَّجُلِ قَوْلُهُ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ رَأَى رَجُلًا مُنْتَصِبًا يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ

الصفحة 118