كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

اللَّيْلَةِ حَتَّى إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ آذَنَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا قَوْلُهُ وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَوْلُهُ وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ هُوَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ وَعند بن عَائِذٍ أَنَّ اللَّذَيْنِ سَعَيَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لَكِنَّهُ صَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ زَعَمُوا وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ وَكَانَ الَّذِي أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَصَاحَ قَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى كَعْبٍ وَالَّذِي خَرَجَ عَلَى فَرَسِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَ وَكَانَ الَّذِي بَشَّرَنِي فَنَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ وَكَانَ الَّذِي بَشَّرَ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ بِتَوْبَتِهِ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ وَخَرَجْتُ إِلَى بَنِي وَاقِفٍ فَبَشَّرْتُهُ فَسَجَدَ قَالَ سَعِيدٌ فَمَا ظَنَنْتُهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى تَخْرُجَ نَفْسُهُ يَعْنِي لِمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْجَهْدِ فَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ امْتَنَعَ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى كَانَ يُوَاصِلُ الْأَيَّامَ صَائِمًا وَلَا يَفْتُرُ مِنَ الْبُكَاءِ وَكَانَ الَّذِي بَشَّرَ مُرَارَةَ بِتَوْبَتِهِ سِلْكَانَ بْنَ سَلَامَةَ أَوْ سَلَمَةَ بْنَ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ قَوْلُهُ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ يُرِيدُ مِنْ جِنْسِ الثِّيَابِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ رَاحِلَتَانِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ صَدَقَةً ثُمَّ وجدت فِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فَفِيهَا وَوَاللَّهِ مَا أملك يَوْمئِذٍ ثَوْبَيْنِ غَيرهمَا وَزَاد بن عَائِذٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَلَبِسَهُمَا قَوْلُهُ وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ مِنْ أَبِي قَتَادَةَ قَوْلُهُ وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فَوْجًا فَوْجًا أَيْ جَمَاعَةً جَمَاعَةً قَوْله لِيَهنك بِكَسْر النُّون وَزعم بن التِّينِ أَنَّهُ بِفَتْحِهَا بَلْ قَالَ السَّفَاقُسِيُّ إِنَّهُ أَصْوَبُ لِأَنَّهُ مِنَ الْهَنَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ قَالُوا سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَلْحَةَ لَمَّا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِي ذَكَرَهُ أَهْلُ الْمَغَازِي أَنَّهُ كَانَ أَخَا الزُّبَيْرِ لَكِنْ كَانَ الزُّبَيْرُ أَخَا طَلْحَةَ فِي أُخُوَّةِ الْمُهَاجِرِينَ فَهُوَ أَخُو أَخِيهِ قَوْلُهُ أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ اسْتُشْكِلَ هَذَا الْإِطْلَاقُ بِيَوْمِ إِسْلَامِهِ فَإِنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ خَيْرُ أَيَّامِهِ فَقِيلَ هُوَ مُسْتَثْنًى تَقْدِيرًا وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ لِعَدَمِ خَفَائِهِ وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ يَوْمَ تَوْبَتِهِ مُكَمِّلٌ لِيَوْمِ إِسْلَامِهِ فَيَوْمُ إِسْلَامِهِ بِدَايَةُ سَعَادَتِهِ وَيَوْمُ تَوْبَتِهِ مُكَمِّلٌ لَهَا فَهُوَ خَيْرُ جَمِيعِ أَيَّامِهِ وَإِنْ كَانَ يَوْمُ إِسْلَامِهِ خَيْرَهَا فَيَوْمُ تَوْبَتِهِ الْمُضَافُ إِلَى إِسْلَامِهِ خَيْرٌ مِنْ يَوْمِ إِسْلَامِهِ الْمُجَرَّدِ عَنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ قَالَ لَا بَلْ مِنْ عِنْد الله زَاد فِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ إِنَّكُمْ صَدَقْتُمُ اللَّهَ فَصَدَقَكُمْ قَوْلُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بن رَاشد فِي التَّفْسِير حتىكأنه قِطْعَةٌ مِنَ الْقَمَرِ وَيُسْأَلُ عَنِ السِّرِّ فِي التَّقْيِيدِ بِالْقِطْعَةِ مَعَ كَثْرَةِ مَا وَرَدَ فِي كَلَامِ الْبُلَغَاءِ مِنْ تَشْبِيهِ الْوَجْهِ بِالْقَمَرِ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْبِيهُهُمْ لَهُ بِالشَّمْسِ طَالِعَةً وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ قَائِلَ هَذَا مِنْ شُعَرَاءِ الصَّحَابَةِ وَحَالُهُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَة فَلَا بُدَّ فِي التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ مِنْ حِكْمَةٍ وَمَا قِيلَ فِي ذَلِكَ مِنَ الِاحْتِرَازِ مِنَ السَّوَادِ الَّذِي فِي الْقَمَرِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَشْبِيهُهُ بِمَا فِي الْقَمَرِ مِنَ الضِّيَاءِ وَالِاسْتِنَارَةِ وَهُوَ فِي تَمَامِهِ لَا يَكُونُ فِيهَا أَقَلَّ مِمَّا فِي الْقِطْعَةِ الْمُجَرَّدَةِ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ تَوْجِيهَاتٍ وَمِنْهَا أَنَّهُ لِلْإِشَارَةِ إِلَى مَوْضِعِ الِاسْتِنَارَةِ وَهُوَ الْجَبِينُ وَفِيهِ يَظْهَرُ السُّرُورُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَكَأَنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ عَلَى بَعْضِ الْوَجْهِ فَنَاسَبَ أَنْ يُشَبَّهَ بِبَعْضِ الْقَمَرِ قَوْلُهُ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِيهِ وَفِيهِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ كَمَالِ الشَّفَقَةِ عَلَى أُمَّتِهِ وَالرَّأْفَةِ بِهِمْ والفرح بِمَا يسرهم وَعند بن مَرْدَوْيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ لَمَّا نَزَلَتْ تَوْبَتِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلْتُ يَدَهُ وَرُكْبَتَهُ قَوْلُهُ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي أَيْ أَخْرَجَ مِنْ جَمِيعِ مَالِي قَوْلُهُ صَدَقَةً هُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ مُتَصَدِّقًا أَوْ ضَمَّنَ أَنْخَلِعُ مَعْنَى أَتَصَدَّقُ وَهُوَ مَصْدَرٌ أَيْضًا وَقَوْلُهُ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ

الصفحة 122