كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

(قَوْلُهُ بَابُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ)
أَمَّا كِسْرَى فَهُوَ بن بَرْوِيزَ بْنِ هُرْمُزَ بْنِ أَنُوشَرْوَانَ وَهُوَ كِسْرَى الْكَبِيرُ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إِنَّ الَّذِي بَعَثَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَنُوشَرْوَانُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ زُرْبَانَ ابْنَهُ يَقْتُلُهُ وَالَّذِي قَتَلَهُ ابْنُهُ هُوَ كِسْرَى بْنُ بَرْوِيزَ بْنِ هُرْمُزَ وَكِسْرَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَبِكَسْرِهَا لَقَبُ كُلِّ مَنْ تَمَلَّكَ الْفُرْسَ وَمَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُظَفَّرِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ضَبْطِ كَافِهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَأَمَّا قَيْصَرُ فَهُوَ هِرَقْلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَأْنُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ

[4424] قَوْلُهُ حَدثنَا إِسْحَاق هُوَ بن رَاهَوَيْه وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم أَي بن سعد وَصَالح هُوَ بن كَيْسَانَ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْعِلْمِ عَالِيًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَوْلُهُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ أَنَّهُ خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّهُ مَاتَ بِأُحُدٍ فَتَأَيَّمَتْ مِنْهُ حَفْصَةُ وَبَعْثُ الرُّسُلِ كَانَ بَعْدَ الْهُدْنَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَوَقَعَ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى أَخِي كَامِلِ بْنِ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ وَفِيهِ وَبَعَثَ كِتَابًا إِلَى كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ بَعَثَ بِهِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَذَا قَالَ وَعَبْدُ اللَّهِ ضَعِيفٌ فَإِنْ ثَبَتَ فَلَعَلَّهُ كَتَبَ إِلَى مَلِكِ فَارِسَ مَرَّتَيْنِ وَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ سَنَةِ سَبْعٍ قَوْلُهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ الْمُنْذِرُ بْنُ سَاوَى الْعَبْدِيُّ قَوْلُهُ فَدَفَعَهُ الْفَاءُ عَاطِفَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُ الْكِتَابَ فَأَعْطَاهُ لِقَاصِدِهِ عِنْدَهُ فَتَوَجَّهَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى كِسْرَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُنْذِرُ تَوَجَّهَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْقَاصِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاصِدُ لَمْ يُبَاشِرْ إِعْطَاءَ كِسْرَى بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِ الْمُلُوكِ فَيَزْدَادُ التَّقْدِيرُ قَوْلُهُ فَلَمَّا قَرَأَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وللْكُشْمِيهَنِيِّ فَلَمَّا قَرَأَهُ وَفِيهِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْرَأْهُ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا قُرِئَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ مَزَّقَهُ أَيْ قَطَّعَهُ قَوْلُهُ فَحَسِبْتُ أَنَّ بن الْمُسَيَّبِ الْقَائِلُ هُوَ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَوَقَعَ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ مُرْسَلًا وَيُحْتَمَلُ أَن يكون بن الْمُسَيَّبِ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ صَاحب الْقِصَّة فَإِن بن سَعْدٍ ذَكَرَ مِنْ حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَالَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهُ فَمَزَّقَهُ قَوْلُهُ فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ عَلَى كِسْرَى وَجُنُودِهِ قَوْلُهُ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ بِفَتْحِ الزَّايِ أَيْ يَتَفَرَّقُوا وَيَتَقَطَّعُوا وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ مَزِّقْ مُلْكَهُ وَكَتَبَ إِلَى بَاذَانَ عَامِلِهِ عَلَى الْيَمَنِ ابْعَثْ مِنْ عِنْدِكَ رَجُلَيْنِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بِالْحِجَازِ فَكَتَبَ بَاذَانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبْلِغَا صَاحِبَكُمَا أَنَّ رَبِّي قَتَلَ رَبَّهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَالَ وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ وَإِنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ كِسْرَى كَتَبَ إِلَى بَاذَانَ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَسِرْ إِلَيْهِ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ابْعَثْ بِرَأْسِهِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ فَلَمَّا بَلَغَ بَاذَانَ أَسْلَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْفُرْسِ تَنْبِيه جزم بن سَعْدٍ بِأَنَّ بَعْثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ إِلَى كِسْرَى كَانَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ وَهُوَ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ مِنْ حَدِيثِ الشِّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بِلَفْظِ مُنْصَرَفِهِ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَصَنِيعُ الْبُخَارِيُّ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَذَكَرَ فِي آخَرِ الْبَابِ حَدِيثَ السَّائِبِ أَنَّهُ تَلَقَّى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ مِنَ تَبُوكَ إِشَارَةً إِلَى مَا ذَكَرْتُ وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلِ الْمَغَازِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ بِتَبُوكَ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ وَغَيْرِهِ وَهِيَ غَيْرُ الْمَرَّةِ الَّتِي كَتَبَ إِلَيْهِ مَعَ دِحْيَةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَبَرِ وَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعٍ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ خَرَجَ

الصفحة 127