كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي لِلنَّاسِ كَافَّةً فَأَدُّوا عَنِّي وَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيَّ فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ إِلَى كِسْرَى وَسَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ بِالْيَمَامَةِ وَالْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى بِهَجَرَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى جَيْفَرٍ وَعَبَّادٍ ابْنَيِ الْجُلَنْدِيِّ بِعُمَانَ وَدِحْيَةَ إِلَى قَيْصَرَ وَشُجَاعَ بْنَ وهب إِلَى بن أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ وَعَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَرَجَعُوا جَمِيعًا قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَزَاد أَصْحَاب السّير أَنه بعث المهاجربن أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كَلَالٍ وجريرا إِلَى ذِي الْكَلَاعِ وَالسَّائِبِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ وَحَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ وَفِي حَدِيثَ أَنَسٍ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّجَاشِيَّ الَّذِي بَعَثَ إِلَيْهِ مَعَ هَؤُلَاءِ غَيْرُ النَّجَاشِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ

[4425] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَوْفٌ هُوَ الْأَعْرَابِيُّ وَالْحَسَنُ هُوَ الْبَصْرِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ وَسَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الصُّلْحِ قَوْلُهُ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْجَمَلِ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالتَّقْدِيرُ نَفَعَنِي اللَّهُ أَيَّامَ الْجَمَلِ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ قَبْلَ ذَلِك فايام يتَعَلَّق ب نَفَعَنِي لَا بسمعتها فَإِنَّهُ سَمِعَهَا قَبْلَ ذَلِكَ قَطْعًا وَالْمُرَادُ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ الْعَسْكَرُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَائِشَةَ قَوْلُهُ بعد مَا كِدْتُ أَلْحَقُ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ يَعْنِي عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَمَنْ مَعَهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمُحَصَّلُهَا أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا قُتِلَ وَبُويِعَ عَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ خَرَجَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ إِلَى مَكَّةَ فَوَجَدَا عَائِشَةَ وَكَانَتْ قَدْ حَجَّتْ فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى الْبَصْرَةِ يَسْتَنْفِرُونَ النَّاسَ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَكَانَتْ وَقْعَةُ الْجَمَلَ وَنُسِبَتْ إِلَى الْجَمَلِ الَّذِي كَانَتْ عَائِشَةُ قَدْ رَكِبَتْهُ وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا تَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِصْلَاحِ وَالْقَائِلُ لَمَّا بَلَغَ هُوَ أَبُو بَكْرَةَ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بِكَلِمَةٍ وَفِيهِ إِطْلَاقُ الْكَلِمَةِ عَلَى الْكَلَامِ الْكَثِيرِ قَوْلُهُ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى هِيَ بُورَانُ بِنْتُ شِيرَوَيْهِ بْنِ كِسْرَى بْنِ بَرْوِيزَ وَذَلِكَ أَنَّ شِيرَوَيْهِ لَمَّا قَتَلَ أَبَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ كَانَ أَبُوهُ لَمَّا عَرَفَ أَنَّ ابْنَهُ قَدْ عَمِلَ عَلَى قَتْلِهِ احْتَالَ عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَعَمِلَ فِي بَعْضِ خَزَائِنِهِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ حُقًّا مَسْمُومًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ حُقُّ الْجِمَاعِ مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهُ كَذَا جَامَعَ كَذَا فَقَرَأَهُ شِيرَوَيْهِ فَتَنَاوَلَ مِنْهُ فَكَانَ فِيهِ هَلَاكُهُ فَلَمْ يَعِشْ بَعْدَ أَبِيهِ سِوَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَمَّا مَاتَ لَمْ يُخَلِّفْ أَخًا لِأَنَّهُ كَانَ قَتَلَ إِخْوَتَهُ حِرْصًا عَلَى الْمُلْكِ وَلَمْ يُخَلِّفْ ذَكَرًا وَكَرِهُوا خُرُوجَ الْمُلْكِ عَنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ فَمَلَّكُوا الْمَرْأَةَ وَاسْمهَا بوران بِضَم الْمُوَحدَة ذكر ذَلِك بن قُتَيْبَةَ فِي الْمَغَازِي وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا أَنَّ أُخْتَهَا أَرْزَمِيدَخْتَ مَلَكَتْ أَيْضًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَلِي الْإِمَارَةَ وَلَا الْقَضَاءَ وَفِيهِ أَنَّهَا لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا وَلَا تَلِي الْعَقْدَ عَلَى غَيْرِهَا كَذَا قَالَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ وَالْمَنْعُ مِنْ أَنْ تَلِيَ الْإِمَارَةَ وَالْقَضَاءَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَأَجَازَهُ الطَّبَرِيُّ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَلِي الْحُكْمَ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ تَتِمَّةُ قِصَّةِ كِسْرَى الَّذِي مَزَّقَ كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ ابْنَهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ قَتَلَ إِخْوَتَهُ حَتَّى أَفْضَى الْأَمْرُ بِهِمْ إِلَى تَأْمِيرِ الْمَرْأَةِ فَجَرَّ ذَلِكَ إِلَى ذَهَابِ مُلْكِهِمْ وَمُزِّقُوا كَمَا دَعَا بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[4426] قَوْلُهُ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً مَعَ الصِّبْيَانِ هُوَ مَوْصُولٌ وَلَكِنْ بَيَّنَ الرَّاوِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَرَّةً الْغِلْمَانَ وَمَرَّةً الصِّبْيَانَ وَهُوَ بِالْمَعْنَى ثُمَّ سَاقَهُ عَنْ شَيْخٍ آخَرَ عَنْ سُفْيَانَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ مَقْدَمَهُ مِنْ تَبُوكَ فَأنْكر الدَّاودِيّ هَذَا وَتَبعهُ بن الْقَيِّمِ وَقَالَ ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ لَا مِنْ جِهَةِ تَبُوكَ بَلْ هِيَ مُقَابِلُهَا كَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثَنِيَّةٌ أُخْرَى فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَالثَّنِيَّةُ مَا ارْتَفَعَ فِي الْأَرْضِ وَقِيلَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ قُلْتُ لَا يَمْنَعُ كَوْنُهَا مِنْ جِهَةِ الْحِجَازِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُ الْمُسَافِرِ إِلَى الشَّامِ مِنْ جِهَتِهَا وَهَذَا وَاضِحٌ كَمَا فِي دُخُولِ مَكَّةَ مِنْ ثَنِيَّةٍ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا مِنْ أُخْرَى وَيَنْتَهِي

الصفحة 128