كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

مُتَوَالِيَةٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ مَاتَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ اثْنَانِ نَاقِصَيْنِ وَوَاحِدٌ كَامِلًا وَلِهَذَا رَجَّحَهُ السُّهَيْلِيُّ وَفِي الْمَغَازِي لِأَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ صَفَرٍ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ الْمُقْتَضِي لِأَنَّ أَوَّلَ صَفَرٍ كَانَ السَّبْتَ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالب قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ فَاشْتَكَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَمَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَيَرِدُ عَلَى هَذَا الْإِشْكَالِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أول صفر الْأَحَد فَيكون تَاسِعُ عِشْرِينِهِ الْأَرْبِعَاءَ وَالْغَرَضُ أَنَّ ذَا الْحَجَّةِ أَوَّلُهُ الْخَمِيسُ فَلَوْ فُرِضَ هُوَ وَالْمُحَرَّمُ كَامِلَيْنِ لَكَانَ أَوَّلُ صَفَرٍ الِاثْنَيْنِ فَكَيْفَ يَتَأَخَّرُ إِلَى يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَكَأَنَّ سَبَبَ غَلَطِ غَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا مَاتَ فِي ثَانِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَتَغَيَّرَتْ فَصَارَتْ ثَانِي عَشَرَ وَاسْتَمَرَّ الْوَهْمُ بِذَلِكَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ بِجَوَابٍ آخَرَ فَقَالَ يُحْمَلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ أَيْ بِأَيَّامِهَا فَيَكُونُ مَوْتُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَيُفْرَضُ الشُّهُورُ كَوَامِلَ فَيَصِحُّ قَوْلُ الْجُمْهُورُ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا يُعَكِّرُ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ زِيَادَةِ مُخَالَفَةِ اصْطِلَاحِ أَهْلِ اللِّسَان فِي قَوْلهم لِاثْنَتَيْ عشرَة فَإِنَّهُم لايفهمون مِنْهَا إِلَّا مُضِيَّ اللَّيَالِي وَيَكُونُ مَا أُرِّخَ بِذَلِكَ وَاقِعًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ حَدِيثًا

(الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ)
هِيَ وَالِدَة بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِهَا فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاة الحَدِيث الثَّانِي قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنهُ يدني بن عَبَّاسٍ هُوَ مِنْ إِقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ الْمَذْكُورَةِ بِلَفْظِ كَانَ عُمَرُ يَسْأَلُنِي مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْبَابِ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ أَتَمَّ سِيَاقًا وَأَكْثَرَ فَوَائِدَ وَأَطَلْنَا بِشَرْحِهِ عَلَى تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّصْرِ وَتقدم فِي حجَّة الْوَدَاع حَدِيث بن عُمَرَ نَزَلَتْ سُورَةُ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيّ عَن بن عَبَّاسٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ أَخَذَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدُّ مَا كَانَ اجْتِهَادًا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الصفحة 130