كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

الْإِخْلَاصِ وَأَطْلَقَ ذَلِكَ تَغْلِيبًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَأَمْسَحَ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَأَمْسَحَ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِي وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ هَذَا الْبَاب من طَرِيق بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فَأَفَاقَ وَهِيَ تَمْسَحُ صَدْرَهُ وَتَدْعُو بِالشِّفَاءِ فَقَالَ لَا وَلَكِنْ أَسْأَلُ اللَّهَ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى وَسَأَذْكُرُ الْكَلَامَ عَلَى الرَّفِيقِ الْأَعْلَى فِي الْحَدِيثِ السَّابِعِ

(الْحَدِيثُ الْخَامِسُ)
[4431] قَوْلُهُ يَوْمُ الْخَمِيسِ هُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ عَكْسُهُ وَقَوْلُهُ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ إِرَادَةِ تَفْخِيمِ الْأَمْرِ فِي الشِّدَّةِ وَالتَّعَجُّبِ مِنْهُ زَادَ فِي أَوَاخِرِ الْجِهَادِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى خَضَّبَ دَمْعُهُ الْحَصَى وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ثُمَّ جَعَلَ تَسِيلُ دُمُوعُهُ حَتَّى رَأَيْتُهَا عَلَى خَدَّيْهِ كَأَنَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ وبكاء بن عَبَّاسٍ يُحْتَمَلُ لِكَوْنِهِ تَذَكَّرَ وَفَاةَ رَسُولِ اللَّهِ فَتَجَدَّدَ لَهُ الْحُزْنُ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مَا فَاتَ فِي مُعْتَقَدِهِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لَوْ كَتَبَ ذَلِكَ الْكِتَابَ وَلِهَذَا أَطْلَقَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ ذَلِكَ رَزِيَّةٌ ثُمَّ بَالَغَ فِيهَا فَقَالَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ الْجَوَابُ عَمَّنِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ كَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ زَادَ فِي الْجِهَادِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ ابْتِدَاءَ مَرَضِهِ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَمَّا حُضِرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَفِي إِطْلَاقِ

الصفحة 132