كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

وَالرَّفِيقُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ ذَاتٍ كَالْحَكِيمِ أَوْ صِفَةَ فِعْلٍ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَضْرَةُ الْقُدْسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ فِي آيَةِ النِّسَاءِ وَمَعْنَى كَوْنِهِمْ رَفِيقًا تَعَاوُنُهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَارْتِفَاقُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ وَقَدْ غَلَّطَ الْأَزْهَرِيُّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَلَا وَجْهَ لِتَغْلِيطِهِ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي غَلَّطَهُ بِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ مَعَ الرَّفِيقِ أَوْ فِي الرَّفِيقِ لِأَنَّ تَأْوِيلَهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِاللَّهِ سَائِغٌ قَالَ السُّهَيْلِيُّ الْحِكْمَةُ فِي اخْتِتَامِ كَلَامِ الْمُصْطَفَى بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ كَوْنُهَا تَتَضَمَّنُ التَّوْحِيدَ وَالذِّكْرَ بِالْقَلْبِ حَتَّى يُسْتَفَادَ مِنْهُ الرُّخْصَةُ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَمْنَعُهُ مِنَ النُّطْقِ مَانِعٌ فَلَا يَضُرُّهُ إِذَا كَانَ قَلْبُهُ عَامِرًا بِالذِّكْرِ انْتَهَى مُلَخَّصًا قَوْلُهُ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَقُلْتُ إِذًا لَا يَخْتَارُنَا فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَعِنْدَ أَبِي الْأَسْوَدِ فِي الْمَغَازِي عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ إِلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَخَيَّرَهُ تَنْبِيهٌ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُسْتَرْضِعٌ عِنْدَ حَلِيمَةَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَآخِرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ جَلَالُ رَبِّي الرَّفِيعُ

(الْحَدِيثُ الثَّامِن حَدِيث عَائِشَة فِي السِّوَاك)
[4438] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ جَزَمَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بن يحيى الذهلي وَسقط عِنْد بن السَّكَنِ فَصَارَ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَفَّانَ بِلَا وَاسِطَةٍ وَعَفَّانُ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ قَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ بِلَا وَاسِطَةٍ قَلِيلًا مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ قَوْلُهُ وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سواك رطب فِي رِوَايَة بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً فَأَخَذْتُهَا فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا وَنَفَضْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ قَوْلُهُ يَسْتَنُّ بِهِ أَيْ يَسْتَاكُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُهُ مِنَ السَّنِّ أَيْ بِالْفَتْحِ وَمِنْهُ الْمِسَنُّ الَّذِي يُسَنُّ عَلَيْهِ الْحَدِيدُ قَوْلُهُ فَأَبَدَّهُ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ مَدَّ نَظَرُهُ إِلَيْهِ يُقَالُ أَبْدَدْتُ فُلَانًا النَّظَرَ إِذَا طَوَّلْتُهُ إِلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَمَدَّهُ بِالْمِيمِ قَوْلُهُ فَقَضِمْتُهُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَضَغْتُهُ وَالْقَضْمُ الْأَخْذُ بِطَرَفِ الْأَسْنَانِ يُقَالُ قَضِمَتِ الدَّابَّةُ بِكَسْرِ الضَّادِ شَعِيرَهَا تَقْضَمُ بِالْفَتْحِ إِذَا مَضَغَتْهُ وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ الْأَكْثَرَ رَوَوْهُ بِالصَّادِ الْمُهْملَة أَي كَسرته أَو قطعته وَحكى بن التِّينِ رِوَايَةً بِالْفَاءِ وَالْمُهْمَلَةِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إِنْ كَانَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَيَكُونُ قَوْلُهَا فَطَيَّبْتُهُ تَكْرَارا

الصفحة 138