كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

[4455] الحَدِيث الثَّامِن عشر حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَا مَاتَ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهُ كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ عَنْهَا أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَحَدَرَ فَاهُ فَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ وَانَبِيَّاهْ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَحَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ وَاصَفِيَّاهْ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَحَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ واخليلاه وَلابْن أبي شيبَة عَن بن عُمَرَ فَوَضَعَ فَاهُ عَلَى جَبِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي وَيَقُولُ بِأَبِي وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ جَبْهَتَهُ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَّهُ فَقَالُوا يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ مَاتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ

(الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ)
[4458] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَزَادَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ أَمَّا عَلِيٌّ فَهُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَأَمَّا يَحْيَى فَهُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَمُرَادُهُ أَنَّ عَلِيًّا وَافَقَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ وَزَادَ عَلَيْهِ قِصَّةَ اللُّدُودِ قَوْلُهُ لَدَدْنَاهُ أَيْ جَعَلْنَا فِي جَانِبِ فَمِهِ دَوَاءً بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَهَذَا هُوَ اللُّدُودُ فَأَمَّا مَا يُصَبُّ فِي الْحَلْقِ فَيُقَالُ لَهُ الْوُجُورُ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ أَنَّهُمْ أَذَابُوا قِسْطًا أَيْ بِزَيْت فلدوه بِهِ قَوْلُهُ فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لَا تَلُدُّونِي فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ قَالَ عِيَاضٌ ضَبَطْنَاهُ بِالرَّفْعِ أَيْ هَذَا مِنْهُ كَرَاهِيَةٌ وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هَذَا الِامْتِنَاعُ كَرَاهِيَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّصْبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ أَيْ نَهَانَا لِلْكَرَاهِيَةِ لِلدَّوَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا أَيْ كَرِهَهُ كَرَاهِيَةَ الدَّوَاءِ قَالَ عِيَاضٌ الرَّفْعُ أَوْجَهُ مِنَ النَّصْبِ عَلَى الْمَصْدَرِ قَوْلُهُ لَا يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَّا الْعَبَّاسُ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ قِيلَ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِصَاصِ فِي جَمِيعِ مَا يُصَابُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَمْدًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْجَمِيعَ لَمْ يَتَعَاطَوْا ذَلِكَ وَإِنَّمَا فُعِلَ بِهِمْ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُمْ لِتَرْكِهِمُ امْتِثَالَ نَهْيهِ عَنْ ذَلِكَ أَمَّا مَنْ بَاشَرَهُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُبَاشِرْهُ فَلِكَوْنِهِمْ تَرَكُوا نَهْيَهُمْ عَمَّا نَهَاهُمْ هُوَ عَنْهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّأْوِيلَ الْبَعِيدَ لَا يُعْذَرُ بِهِ صَاحِبُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي مُعَارضَة النَّهْي قَالَ بن الْعَرَبِيِّ أَرَادَ أَنْ لَا يَأْتُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهِمْ حَقُّهُ فَيَقَعُوا فِي خَطْبٍ عَظِيمٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ الْعَفْوُ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ تَأْدِيبَهُمْ لِئَلَّا يَعُودُوا فَكَانَ ذَلِكَ تَأْدِيبًا لَا قِصَاصًا وَلَا انْتِقَامًا قِيلَ وَإِنَّمَا كَرِهَ اللَّدَّ مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَتَدَاوَى لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي مَرَضِهِ وَمَنْ حَقَّقَ ذَلِكَ كُرِهَ لَهُ التَّدَاوِي قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ التَّخْيِيرِ وَالتَّحَقُّقِ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ التَّدَاوِي لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ مُلَائِمٍ لِدَائِهِ لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ بِهِ ذَاتَ الْجَنْبِ فَدَاوَوْهُ بِمَا يُلَائِمُهَا وَلَمْ يَكُنْ بِهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهر

الصفحة 147