كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

(الْحَدِيثُ الثَّالِثُ)
[4302] قَوْلُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَاهُ وَفَدَ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَفِدْ مَعَه وَأخرج بن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَفَدَ أَيْضًا وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو سَلِمَةَ بِكَسْر اللَّام هُوَ بن قِيسٍ وَيُقَالُ نُفَيْعٌ الْجَرْمِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاء صَحَابِيّ مَاله فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا ابْنُهُ لَكِنْ وَقَعَ ذِكْرُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ هُوَ مَقُولُ أَيُّوبَ قَوْلُهُ كُنَّا بِمَا مَمَرِّ النَّاسِ يَجُوزُ فِي مَمَرِّ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ كُنَّا نُحَاصِرُ يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إِذَا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ كَذَا فِيهِ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ قَوْلُهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ أَيْ يَسْأَلُونَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ حَالِ الْعَرَبِ مَعَهُ قَوْلُهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا يُرِيدُ حِكَايَةَ مَا كَانُوا يُخْبِرُونَهُمْ بِهِ مِمَّا سَمِعُوهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ الْقَاضِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَيَقُولُونَ نَبِيٌّ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَجَعَلْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَكُنْتُ غُلَامًا حَافِظًا فَحَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا قَوْلُهُ فَكَأَنَّمَا يُقَرُّ كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنَ الْقَرَارِ وَفِي رِوَايَةِ عَنْهُ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ مَقْصُورَةٍ مِنَ التَّقْرِيَةِ أَيْ يُجْمَعُ وَلِلْأَكْثَرِ بِهَمْزٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ يُغَرَّى بَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ يُلْصَقُ بِالْغِرَاءِ وَرَجَّحَهَا عِيَاضٌ قَوْلُهُ تَلَوَّمُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَاللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَيْ تَنْتَظِرُ وَإِحْدَى التَّاءَيْنِ مَحْذُوفَةٌ قَوْلُهُ وَبَدَرَ أَيْ سَبَقَ قَوْلُهُ فَلَمَّا قَدِمَ اسْتَقْبَلْنَاهُ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مَا وَفَدَ مَعَ أَبِيهِ لَكِنْ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ وَفَدَ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَؤُمُّنَا قَالَ أَكْثَرُكُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ قَوْلُهُ فَنَظَرُوا فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَنَظَرُوا إِلَى أَهْلِ حِوَائِنَا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ وَالْحِوَاءُ مَكَانُ الْحَيِّ النُّزُولِ قَوْلُهُ تَقَلَّصَتْ أَيِ انْجَمَعَتْ وَارْتَفَعَتْ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ تَكَشَّفَتْ عَنِّي وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مَوْصُولَةٍ فِيهَا فَتْقٌ فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ خَرَجَتْ إِسْتِي قَوْلُهُ أَلَا تُغَطُّونَ كَذَا فِي الْأُصُولِ وَزَعَمَ بن التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ بِحَذْفِ النُّونِ وَلِأَبِي دَاوُدَ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسَاءِ وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ قَوْلُهُ فَاشْتَرَوْا أَيْ ثَوْبًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا وَهُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ نِسْبَةٌ إِلَى عُمَانَ وَهِيَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ قَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمَامَهُمْ وَفِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي إِمَامَةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِي الْفَرِيضَةِ وَهِيَ خِلَافِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ وَلَمْ يُنْصِفْ مَنْ قَالَ إِنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِمْ وَلَمْ يَطَّلِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهَا شَهَادَةُ نَفْيٍ وَلِأَنَّ زَمَنَ الْوَحْيِ لَا يَقَعُ التَّقْرِيرُ فِيهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ كَمَا اسْتَدَلَّ أَبُو سَعِيدٍ وَجَابِرٌ لِجَوَازِ الْعَزْلِ بِكَوْنِهِمْ فَعَلُوهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ لَنُهِيَ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ وَكَذَا مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ بِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّتِهَا بَلْ هُوَ سُنَّةٌ وَيَجْزِي بِدُونَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ حَالٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِالْحُكْمِ

الصفحة 23