كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

تَعَمَّدُوا قَالَ وَالصَّعِيدُ وَجْهُ الْأَرْضِ قَالَ الزَّجَّاجُ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الصَّعِيدَ وَجْهُ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا تُرَابٌ أَمْ لَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى صَعِيدًا جُرُزًا وصعيدا زلقا وَإِنَّمَا سُمِّيَ صَعِيدًا لِأَنَّهُ نِهَايَةُ مَا يَصْعَدُ مِنَ الْأَرْضِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَى مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ الصَّعِيدُ الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا نَبَاتٌ وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ قَالَ الصَّعِيدُ التُّرَابُ وَمَنْ طَرِيق بن زَيْدٍ قَالَ الصَّعِيدُ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الصَّوَابُ أَنَّ الصَّعِيدَ وَجْهُ الْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْغَرْسِ والنبات وَالْبِنَاءِ وَأَمَّا الطَّيِّبُ فَهُوَ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ مَنِ اشْتَرَطَ فِي التَّيَمُّمِ التُّرَابَ لِأَنَّ الطَّيِّبَ هُوَ التُّرَابُ الْمُنْبِتُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وروى عبد الرَّزَّاق من طَرِيق بن عَبَّاسٍ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ الْحَرْثُ قَوْلُهُ وَقَالَ جَابِرٌ كَانَتِ الطَّوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ وَفِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِد كهان ينزل عَلَيْهِم الشَّيْطَان وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الطَّوَاغِيتِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ وَفِي هِلَالٍ وَاحِدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَسَبُ جُهَيْنَةَ وَأَسْلَمَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَأَمَّا هِلَالٌ فَقَبِيلَةٌ يَنْتَسِبُونَ إِلَى هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ مِنْهُمْ مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ قَوْلُهُ الْجِبْتُ السِّحْرُ وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَمُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رُسْتَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ أَبِي إِسْحَاقَ لَهُ مِنْ حَسَّانَ وَسَمَاعِ حَسَّانَ مِنْ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ رُسْتَةَ وَحَسَّانُ بْنُ فَائِدٍ بِالْفَاءِ عَبْسِيٌّ بِالْمُوَحَّدَةِ قَالَ أَبُو حَاتِم شيخ وَذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ مثل قَول عمر وَزَاد والطاغوت الشَّيْطَان فِي صُورَةُ إِنْسَانٍ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ الْجِبْتُ السَّاحِرُ وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ وَهَذَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِالتَّأْوِيلِ إِلَى الَّذِي قَبْلَهُ قَوْلُهُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ الْجِبْتُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ شَيْطَانٌ وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ مِثْلَهُ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْحَبَشَةِ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْجِبْتَ الشَّيْطَانُ وَالطَّاغُوتَ الْكَاهِنُ وَمن طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْجِبْتُ الْأَصْنَامُ وَالطَّوَاغِيتُ الَّذِينَ كَانُوا يُعَبِّرُونَ عَنِ الْأَصْنَامِ بِالْكَذِبِ قَالَ وَزَعَمَ رِجَالٌ أَنَّ الْجِبْتَ الْكَاهِنُ وَالطَّاغُوتَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُدْعَى كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ الْجِبْتُ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وَالطَّاغُوتُ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ جِنْسُ مِنْ كَانَ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ سَوَاءٌ كَانَ صَنَمًا أَوْ شَيْطَانًا جِنِّيًّا أَوْ آدَمِيًّا فَيَدْخُلُ فِيهِ السَّاحِرُ وَالْكَاهِنُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُ عِكْرِمَةَ إِنَّ الْجِبْتَ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الشَّيْطَانُ فَقَدْ وَافَقَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّاحِرِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ الْجِبْتُ السَّاحِرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُمَا إِلَى وُقُوعِ الْمُعَرَّبِ فِي الْقُرْآنِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ اخْتُلِفَ فِيهَا فَبَالَغَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ اللُّغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ فَحَمَلُوا مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى توارد اللغتين وَأَجَازَ ذَلِك جمَاعَة وَاخْتَارَهُ بن الْحَاجِبِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِوُقُوعِ أَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ فِيهِ كَإِبْرَاهِيمَ فَلَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ وَقَدْ وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ جُمْلَةٌ مِنْ هَذَا وَتَتَبَّعَ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ وَنَظَمَهُ فِي أَبْيَاتٍ ذَكَرَهَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ يَجْمَعُهَا هَذِهِ الْأَبْيَاتُ فَذَكَرَهَا وَقَدْ تَتَبَّعْتُ بَعْدَهُ زِيَادَةً كَثِيرَةً عَلَى ذَلِكَ تَقْرُبُ مِنْ عِدَّةِ مَا أَوْرَدَ وَنَظَمْتُهَا أَيْضًا وَلَيْسَ جَمِيعُ مَا أَوْرَدَهُ هُوَ مُتَّفَقًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ لَكِنِ اكْتَفَى بِإِيرَادِ مَا نُقِلَ فِي الْجُمْلَةِ فَتَبِعْتُهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رَأَيْتُ إِيرَادَ الْجَمِيعِ لِلْفَائِدَةِ فَأَوَّلُ بَيْتٍ مِنْهَا مِنْ نَظْمِي وَالْخَمْسَةُ الَّتِي تَلِيهِ لَهُ وَبَاقِيهَا لِي أَيْضًا فَقلت

الصفحة 252