كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

وَاحِدَةٍ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَقَوْلِهِمُ الْتَقَتْ حَلَقَتَا الْبِطَانِ ثَالِثُهَا ثُبُوتُ الْأَلِفَيْنِ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ رَابِعُهَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَثُبُوتِ هَمْزَةِ الْقَطْعِ انْتَهَى كَلَامُهُ وَالْمَشْهُورُ فِي الرَّاوِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّالِثُ ثُمَّ الْأَوَّلُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ الْعَرَبُ تَقُولُ لَاهَأَ اللَّهُ ذَا بِالْهَمْزِ وَالْقِيَاسُ تَرْكُ الْهَمْزِ وَحكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ رُوِيَ بِرَفْعِ اللَّهِ قَالَ وَالْمَعْنَى يَأْبَى اللَّهُ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ ثَبَتَتِ الرِّوَايَةِ بِالرَّفْعِ فَتَكُونُ هَا لِلتَّنْبِيهِ وَاللَّهُ مُبْتَدَأٌ وَلَا يَعْمِدُ خَبَرُهُ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ وَقَدْ نَقَلَ الْأَئِمَّةُ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْجَرِّ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى غَيْرِهِ وَأَمَّا إِذًا فَثَبَتَتْ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الْمُعْتَمَدَةِ وَالْأُصُولِ الْمُحَقَّقَةِ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِكَسْرِ الْأَلْفِ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَنُونَةٍ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا يَرْوُونَهُ وَإِنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِهِمْ أَيِ الْعَرَبِ لَاهَا اللَّهِ ذَا وَالْهَاءُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ وَالْمَعْنَى لَا وَاللَّهِ يَكُونُ ذَا وَنَقَلَ عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَازِنِيَّ قَالَ قَوْلُ الرُّوَاةِ لَاهَا اللَّهِ إِذًا خَطَأٌ وَالصَّوَابُ لَاهَا اللَّهِ ذَا أَيْ ذَا يَمِينِي وَقَسَمِي وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ لَاهَا اللَّهِ إِذًا وَإِنَّمَا هُوَ لَاهَا اللَّهِ ذَا وَذَا صِلَةٌ فِي الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى لَا وَاللَّهِ هَذَا مَا أقسم بِهِ وَمِنْه أَخذ الْجَوْهَرِي فَقَالَ قَوْلُهُمْ لَاهَا اللَّهِ ذَا مَعْنَاهُ لَا وَاللَّهِ هَذَا فَفَرَّقُوا بَيْنَ حَرْفِ التَّنْبِيهِ وَالصِّلَةِ وَالتَّقْدِيرُ لَا وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ ذَا وَتَوَارَدَ كَثِيرٌ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الْخَبَرِ بِلَفْظِ إِذًا خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ ذَا تَبَعًا لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَمْ يُصِبْ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ إِصْلَاحِ بَعْضِ مَنْ قَلَّدَ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي كِتَابَةِ إِذًا هَذِهِ هَلْ تُكْتُبُ بِأَلِفٍ أَوْ بِنُونٍ وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا اسْمٌ أَوْ حَرْفٌ فَمَنْ قَالَ هِيَ اسْمٌ قَالَ الْأَصْلُ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ سَأَجِيءُ إِلَيْكَ فَأَجَابَ إِذًا أُكْرِمَكَ أَيْ إِذَا جِئْتَنِي أُكْرِمُكَ ثُمَّ حَذَفَ جِئْتَنِي وَعَوَّضَ عَنْهَا التَّنْوِينَ وَأُضْمِرَتْ أَنْ فَعَلَى هَذَا يُكْتَبُ بِالنُّونِ وَمَنْ قَالَ هِيَ حَرْفٌ وَهُمُ الْجُمْهُورُ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ بَسِيطَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ إِذَا وَإِنْ فَعَلَى الْأَوَّلِ تُكْتَبُ بِأَلِفٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَبِهِ وَقَعَ رَسْمُ الْمَصَاحِفِ وَعَلَى الثَّانِي تُكْتَبُ بنُون وَاخْتلف فِي مَعْنَاهَا فَقَالَ سِيبَوَيْهِ مَعْنَاهَا الْجَوَابُ وَالْجَزَاءُ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ فَقَالُوا هِيَ حَرْفُ جَوَابٍ يَقْتَضِي التَّعْلِيلَ وَأَفَادَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ أَنَّهَا قَدْ تَتَمَحَّضُ لِلْجَوَابِ وَأَكْثَرُ مَا تَجِيء جَوَابا للو وَإِنْ ظَاهِرًا أَوْ مُقَدَّرًا فَعَلَى هَذَا لَوْ ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ بِلَفْظِ إِذًا لَاخْتَلَّ نَظْمُ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ هَكَذَا لَا وَاللَّهِ إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ إِلَخْ وَكَانَ حَقُّ السِّيَاقِ أَنْ يَقُولَ إِذًا يَعْمِدُ أَيْ لَوْ أَجَابَكَ إِلَى مَا طَلَبْتَ لَعَمَدَ إِلَى أَسَدٍ إِلَخْ وَقَدْ ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ بِلَفْظِ لَا يَعْمِدُ إِلَخْ فَمِنْ ثَمَّ ادَّعَى مَنِ ادَّعَى أَنَّهَا تَغْيِيرٌ وَلَكِن قَالَ بن مَالِكٍ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ إِذًا بِأَلِفٍ وَتَنْوِينٍ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ هُوَ بَعِيدٌ وَلَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا وَاللَّهِ لَا يُعْطَى إِذًا يَعْنِي وَيَكُونُ لَا يَعْمِدُ إِلَخْ تَأْكِيدًا لِلنَّفْيِ الْمَذْكُورِ وَمُوضِّحًا لِلسَّبَبِ فِيهِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ لَاهَا اللَّهِ إِذًا فَحَمَلَهُ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرِ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَسْتَعْمِلُ لَاهَا اللَّهِ بِدُونِ ذَا وَإِنْ سَلِمَ اسْتِعْمَالُهُ بِدُونِ ذَا فَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ إِذًا لِأَنَّهَا حَرْفُ جَزَاءٍ وَالْكَلَامُ هُنَا عَلَى نَقِيضِهِ فَإِنَّ مُقْتَضَى الْجَزَاءِ أَنْ لَا يَذْكُرَ لَا فِي قَوْلِهِ لَا يَعْمِدُ بَلْ كَانَ يَقُولُ إِذًا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ إِلَخْ لِيَصِحَّ جَوَابًا لِطَلَبِ السَّلَبِ قَالَ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ وَهُوَ كَقَوْلِكَ لِمَنْ قَالَ لَكَ افْعَلْ كَذَا فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ إِذًا لَا أَفْعَلُ فَالتَّقْدِيرُ إِذًا وَاللَّهِ لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ إِلَخْ قَالَ وَيحْتَمل أَن تكون إِذًا زَائِدَةً كَمَا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ إِنَّهَا زَائِدَةٌ فِي قَوْلِ الْحَمَاسِيِّ إِذًا لَقَامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خَشِنٌ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لَوْ كُنْتُ مِنْ مَازِنٍ لَمْ تُسْتَبَحْ إِبِلِي قَالَ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَعْتَنِي بِشَرْحِ الْحَدِيثِ وَيُقَدِّمُ نَقْلَ بَعْضِ الأدباء

الصفحة 38