كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعَثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْلِ الطَّلَبِ أَبَا عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّ وَأَنا مَعَه فَقتل بن دُرَيْدٍ أَبَا عَامِرٍ فَعَدَلْتُ إِلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ وَأَخَذْتُ اللِّوَاء الحَدِيث فَهَذَا يُؤَيّد مَا ذكره بن إِسْحَاق وَذكر بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي أَيْضًا أَنَّ أَبَا عَامِرٍ لَقِيَ يَوْمَ أَوْطَاسٍ عَشَرَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِخْوَةً فَقَتَلَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحَدٍ حَتَّى كَانَ الْعَاشِرُ فَحمل عَلَيْهِ وَهُوَ يَدعُوهُ الىالاسلام وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ اللَّهُمَّ لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ فَكَفَّ عَنْهُ أَبُو عَامِرٍ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ أَسْلَمَ فَقَتَلَهُ الْعَاشِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّيهِ شَهِيدُ أَبِي عَامِرٍ وَهَذَا يُخَالِفُ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ فِي أَنَّ أَبَا مُوسَى قَتَلَ قَاتِلَ أَبِي عَامِرٍ وَمَا فِي الصَّحِيحِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ وَلَعَلَّ الَّذِي ذَكَرَهُ بن إِسْحَاقَ شَارَكَ فِي قَتْلِهِ قَوْلُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ أَيِ انْصَبَّ مِنْ مَوْضِعِ السَّهْمِ قَوْلُهُ قَالَ يَا بن أخى هَذَا يرد قَول بن إِسْحَاق إِنَّه بن عَمِّهِ وَيُحْتَمَلُ إِنْ كَانَ ضَبَطَهُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ قَوْلُهُ فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ بن عَائِذٍ فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعِي اللِّوَاءُ قَالَ يَا أَبَا مُوسَى قُتِلَ أَبُو عَامِرٍ قَوْلُهُ عَلَى سَرِيرٍ مُرَمَّلٍ بِرَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ مِيمٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ مَعْمُولٍ بِالرِّمَالِ وَهِيَ حِبَالُ الْحُصْرِ الَّتِي تُضَفَّرُ بهَا الاسرة قَوْله وَعَلِيهِ فرَاش قَالَ بن التِّينِ أَنْكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَالَ الصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ فِرَاشٌ فَسَقَطَتْ مَا انْتَهَى وَهُوَ إِنْكَارٌ عَجِيبٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ رَقَدَ عَلَى غَيْرِ فِرَاشٍ كَمَا فِي قِصَّةِ عُمَرَ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى سَرِيرِهِ دَائِمًا فِرَاشٌ قَوْلُهُ فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ التَّطْهِيرِ لِإِرَادَةِ الدُّعَاءِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ ذَلِكَ بِالِاسْتِسْقَاءِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ قَوْلُهُ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خلقك أَي فِي الْمرتبَة وَفِي رِوَايَة بن عَائِذٍ فِي الْأَكْثَرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو بردة هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْلُهُ بَابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ هُوَ بَلَدٌ كَبِيرٌ مَشْهُورٌ كَثِيرُ الْأَعْنَابِ وَالنَّخِيلِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ أَوِ اثْنَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ قِيلَ أَصْلُهَا أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اقْتَلَعَ الْجَنَّةَ الَّتِي كَانَتْ لِأَصْحَابِ الصَّرِيمِ فَسَارَ بِهَا إِلَى مَكَّةَ فَطَافَ بِهَا حَوْلَ الْبَيْتِ ثُمَّ أَنْزَلَهَا حَيْثُ الطَّائِفِ فَسُمِّيَ الْمَوْضِعُ بِهَا وَكَانَتْ أَوَّلًا بِنَوَاحِي صَنْعَاءَ وَاسْمُ الْأَرْضِ وَجٌّ بِتَشْدِيدِ الْجِيم سميت بِرَجُل وَهُوَ بن عَبْدِ الْجِنِّ مِنَ الْعَمَالِقَةِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَزَلَ بِهَا وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ حُنَيْنٍ وَحَبَسَ الْغَنَائِمَ بَالْجِعْرَانَةِ وَكَانَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّضْرِيُّ قَائِدَ هَوَازِنَ لَمَّا انْهَزَمَ دَخَلَ الطَّائِفَ وَكَانَ

الصفحة 43