كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

(قَوْلُهُ بَابُ بَعْثِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ)
بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ أَي بن عَامِرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ وَوَهَمَ الْكَرْمَانِيُّ فَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَوْفٍ قَبِيلَةٍ مِنْ عَبْدِ قِيسٍ وَهَذَا الْبَعْثُ كَانَ عَقِبَ فَتْحِ مَكَّةَ فِي شَوَّالٍ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى حُنَيْنٍ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمَغَازِي وَكَانُوا بِأَسْفَلِ مَكَّةَ من نَاحيَة يَلَمْلَم قَالَ بن سَعْدٍ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ دَاعِيًا إِلَى الْإِسْلَامِ لَا مُقَاتِلًا قَوْله حَدثنَا مَحْمُود هُوَ بن غيلَان وَقَوله

[4339] وحَدثني نعيم هُوَ بن حَمَّاد وَعبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السِّيَاقَ الَّذِي هُنَا لفظ بن الْمُبَارَكِ قَوْلُهُ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ يَعْنِي الْبَاقِرَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ حِينَ افْتَتَحَ مَكَّةَ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ دَاعِيًا وَلَمْ يَبْعَثْهُ مُقَاتِلًا قَوْلُهُ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا فَجَعَلُوا يَقُولُونَ صَبَأْنَا صَبَأْنَا هَذَا من بن عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْإِسْلَامَ حَقِيقَةً وَيُؤَيِّدُهُ فَهْمُهُ أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَقُولُونَ لِكُلِّ مَنْ أَسْلَمَ صَبَأَ حَتَّى اشْتَهَرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَصَارُوا يُطْلِقُونَهَا فِي مَقَامِ الذَّمِّ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا أَسْلَمَ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ وَقَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا قَالُوا لَهُ صَبَأْتَ قَالَ لَا بَلْ أَسْلَمْتُ فَلَمَّا اشْتَهَرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ بَيْنَهُمْ فِي مَوْضِعِ أَسْلَمْتُ اسْتَعْمَلَهَا هَؤُلَاءِ وَأَمَّا خَالِدٌ فَحَمَلَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا لِأَنَّ قَوْلَهُمْ صَبَأْنَا أَيْ خَرَجْنَا مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ وَلَمْ يَكْتَفِ خَالِدٌ بِذَلِكَ حَتَّى يُصَرِّحُوا بِالْإِسْلَامِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَالِدٌ نَقَمَ عَلَيْهِمُ الْعُدُولَ عَنْ لَفْظِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ فَهِمَ عَنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْأَنَفَةِ وَلَمْ يَنْقَادُوا إِلَى الدِّينِ فَقَتَلَهُمْ مُتَأَوِّلًا قَوْلَهُمْ قَوْلُهُ فَجَعَلَ خَالِدٌ يقتل مِنْهُم ويأسر فِي كَلَام بن سَعْدٍ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَأْسِرُوا فَاسْتَأْسَرُوا فَكَتَّفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَفَرَّقَهُمْ فِي أَصْحَابِهِ فَيُجْمَعُ بِأَنَّهُمْ أَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْمُحَارَبَةِ قَوْلُهُ وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ أَيْ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي السَّرِيَّةِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَاقِرِ فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ ضَعُوا السِّلَاحَ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا فَوَضَعُوا السِّلَاحَ فَأَمَرَ بِهِمْ فَكُتِّفُوا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى السَّيْفِ قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ كَذَا بِالتَّنْوِينِ أَيْ مِنَ الْأَيَّامِ وَكَانَ تَامَّةٌ وَعِنْدَ أَبِي سَعْدٍ فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ نَادَى خَالِدٌ مَنْ كَانَ مَعَهُ أَسِيرٌ فَلْيَضْرِبْ عُنُقَهُ قَوْلُهُ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ كُلُّ إِنْسَانٍ قَوْلُهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ وَعِنْدَ بن سَعْدٍ فَأَمَّا بَنُو سُلَيمٍ فَقَتَلُوا مَنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ وَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَأَرْسَلُوا أَسْرَاهُمْ وَفِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ إِذَا وَثِقَ بِطَوَاعِيَّتِهِ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكِ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ العجلة

الصفحة 57