كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

أَن نَاسا من الْحَبَشَة ترا آهم أَهْلُ جِدَّةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّزٍ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ فَانْتَهَى إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ فَلَمَّا خَاضَ الْبَحْرَ إِلَيْهِمْ هَرَبُوا فَلَمَّا رَجَعَ تَعَجَّلَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى أَهْلِهِمْ فَأَمَّرَ عَبْدَ اللَّهِ بن حذافة على من تعجل وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ سَبَبَ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ وَقَّاصَ بْنَ مُجَزِّزٍ كَانَ قُتِلَ يَوْمَ ذِي قَرَدٍ فَأَرَادَ عَلْقَمَةُ بْنُ مُجَزِّزٍ أَنْ يَأْخُذَ بِثَأْرِهِ فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ قُلْتُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا ذكره بن سَعْدٍ إِلَّا أَنْ يُجْمَعَ بِأَنْ يَكُونَ أَمَرَ بالأمرين وأرخها بن سَعْدٍ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ تِسْعٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيُقَالُ إِنَّهَا سَرِيَّةُ الْأَنْصَارِيِّ فَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى احْتِمَالِ تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لِي لِاخْتِلَافِ سِيَاقِهِمَا وَاسْمِ أَمِيرِهِمَا وَالسَّبَبُ فِي أَمْرِهِ بِدُخُولِهِمُ النَّارَ وَيُحْتَمَلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِضَرْبٍ مِنَ التَّأْوِيلِ وَيُبْعِدُهُ وَصْفُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ الْقُرَشِيِّ الْمُهَاجِرِيِّ بِكَوْنِهِ أَنْصَارِيًّا فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ نَسَبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَيُحْتَمَلُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَعَمِّ أَيْ أَنَّهُ نَصَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَى التَّعَدُّد جنح بن الْقيم وَأما بن الْجَوْزِيِّ فَقَالَ قَوْلُهُ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ سَهْمِيٌّ قُلْتُ وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ فَقَالَ رَجُلًا وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَأَمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ مُجَزِّزٍ فَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَجِيمٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُعْجَمَتَيْنِ الْأُولَى مَكْسُورَةٌ ثَقِيلَةٌ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَقَالَ عِيَاضٌ وَقَعَ لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَعَنِ الْقَابِسِيِّ بِجِيمٍ وَمُعْجَمَتَيْنِ وهوالصواب قُلْتُ وَأَغْرَبَ الْكَرْمَانِيُّ فَحَكَى أَنَّهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ فَتْحًا وَكَسْرًا وَهُوَ خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ وَلَدُ الْقَائِفِ الَّذِي يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي النِّكَاحِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَابْنِهِ أُسَامَةَ إنَّ بَعْضَ هَذِه الْأَقْدَام لمن بعض فعلقمة صَحَابِيّ بن صَحَابِيّ

[4340] قَوْله حَدثنَا عبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَادٍ قَوْلُهُ حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ بِالتَّصْغِيرِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ السُّلَمِيُّ قَوْلُهُ فَغَضِبَ فِي رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ فِي الْأَحْكَامِ فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ قَوْلُهُ فَقَالَ أَوْقِدُوا نَارًا فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ فَقَالَ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا وَهَذَا يُخَالِفُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّ فِيهِ فَأَوْقَدَ الْقَوْمُ نَارًا لِيَصْنَعُوا عَلَيْهَا صَنِيعًا لَهُمْ أَوْ يَصْطَلُونَ فَقَالَ لَهُمْ أَلَيْسَ عَلَيْكُمُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ قَالُوا بَلَى قَالَ أَعْزِمُ عَلَيْكُمْ بِحَقِّي وَطَاعَتِي لَمَا تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِهِ النَّارِ قَوْلُهُ فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فِيهَا فَقَامُوا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَفِي رِوَايَةِ بن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ فَقَالَ لَهُمْ شَابٌّ مِنْهُمْ لَا تَعْجَلُوا بِدُخُولِهَا وَفِي رِوَايَةِ زُبَيْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا قَوْلُهُ فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ وَخَمَدَتْ هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ طَفِئَ لَهَبُهَا وَحَكَى الْمُطَرِّزِيُّ كَسْرَ الْمِيمِ مِنْ خَمِدَتْ قَوْلُهُ فَسَكَنَ غَضَبُهُ هَذَا أَيْضًا يُخَالِفُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ كَانَتْ بِهِ دُعَابَةٌ وَفِيهِ أَنَّهُمْ تَحَجَّزُوا حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُمْ وَاثِبُونَ فِيهَا فَقَالَ احْبِسُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّمَا كُنْتُ أَضْحَكُ مَعَكُمْ قَوْلُهُ فَبَلَغَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ مَا خَرَجُوا مِنْهَا إلىيوم الْقِيَامَةِ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ

الصفحة 59