كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)
وَفِيهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَذَكَرَ حَدِيثَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفِي آخِرِهِ نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا مَنْ طَاف وَمن لم يطف
(
قَوْله بَاب فاسجدوا لله واعبدوا)
فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَاسْجُدُوا وَهُوَ غَلَطٌ
[4862] قَوْلُهُ سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ تَابَعَهُ بن طَهْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان قَوْله وَلم يذكر بن علية بن عَبَّاسٍ أَمَّا مُتَابَعَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ فَوَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْهُ بِلَفْظِ أَنَّهُ قَالَ حِينَ نَزَلَتِ السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النَّجْمُ سَجَدَ لَهَا الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَة وَأما حَدِيث بن عُلَيَّةَ فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ أَيُّوب فَأرْسلهُ وَأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ وَهُوَ مُرْسَلٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِحٍ لِاتِّفَاقِ ثِقَتَيْنِ عَنْ أَيُّوبَ عَلَى وَصْلِهِ وَهُمَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ قَوْلُهُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ إِنَّمَا أَعَادَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ مَعَ دُخُولِهِمْ فِي الْمُسْلِمِينَ لِنَفْيِ تَوَهُّمِ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْإِنْسِ وَسَأَذْكُرُ مَا فِيهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ سَجَدَ الْمُشْرِكُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهَا أَوَّلُ سَجْدَةٍ نَزَلَتْ فَأَرَادُوا مُعَارَضَةَ الْمُسْلِمِينَ بِالسُّجُودِ لِمَعْبُودِهِمْ أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ بِلَا قَصْدٍ أَوْ خَافُوا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ قُلْتُ وَالِاحْتِمَالَاتُ الثَّلَاثَةُ فِيهَا نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ مِنْهَا لِعِيَاضٍ وَالثَّانِي يُخَالِفُهُ سِيَاقُ بن مَسْعُودٍ حَيْثُ زَادَ فِيهِ أَنَّ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ مِنْهُمْ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي الْقَصْدِ وَالثَّالِثُ أَبْعَدُ إِذِ الْمُسْلِمُونَ حِينَئِذٍ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا خَائِفِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَا الْعَكْسُ قَالَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ إِلْقَاءِ الشَّيْطَانِ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صِحَّةَ لَهُ عَقْلًا وَلَا نَقْلًا انْتَهَى وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا أَوْرَدْتُهُ مِنْ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحَجِّ عَرَفَ وَجْهَ الصَّوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْله عَن عبد الله هُوَ بن مَسْعُودٍ وَأَبُو أَحْمَدَ الْمَذْكُورُ فِي إِسْنَادِهِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الزُّبَيْرِيُّ
[4863] قَوْلُهُ أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ وَالنَّجْمِ قَالَ فَسَجَدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَقَدْ قدمت فِي تَفْسِير الْحَج من حَدِيث بن عَبَّاسٍ بَيَانَ ذَلِكَ وَالسَّبَبَ فِيهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَوَّلَ سُورَةٍ اسْتَعْلَنَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ النَّجْمَ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرِ بن مُعَاوِيَة
الصفحة 614