كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)
أَوَّلُ سُورَةٍ قَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ النَّجْمُ قَوْلُهُ إِلَّا رَجُلًا فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا سَجَدَ فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى وَهَذَا ظَاهِرُهُ تَعْمِيمُ سُجُودِهِمْ لَكِنْ رَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَالنَّجْمِ فَسَجَدَ وَسَجَدَ مَنْ عِنْدَهُ وَأَبَيْتُ أَنْ أَسْجُدَ وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ أَسْلَمَ قَالَ الْمُطَّلِبُ فَلَا أَدَعُ السُّجُودَ فِيهَا أَبَدًا فَيحمل تَعْمِيم بن مَسْعُودٍ عَلَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ قَوْلُهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ فَقَالَ يَكْفِينِي هَذَا قَوْلُهُ فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا قَوْلُهُ وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَقَدْ وَافَقَ إِسْرَائِيلُ عَلَى تَسْمِيَتِهِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد وَعند بن سَعْدٍ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَسْجُدْ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ وَقِيلَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كِلَاهُمَا جَمِيعًا وَجزم بن بَطَّالٍ فِي بَابِ سُجُودِ الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ الْوَلِيدُ وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَلَمْ يُقْتَلْ بِبَدْرٍ كَافِرًا مِنَ الَّذِينَ سُمُّوا عِنْدَهُ غَيْرَهُ وَوَقَعَ فِي تَفْسِير بن حِبَّانَ أَنَّهُ أَبُو لَهَبٍ وَفِي شَرْحِ الْأَحْكَامِ لِابْنِ بَزِيزَةَ أَنَّهُ مُنَافِقٌ وَرُدَّ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ بِمَكَّةَ بِلَا خِلَافٍ وَلَمْ يَكُنِ النِّفَاقُ ظَهَرَ بَعْدُ وَقَدْ جَزَمَ الْوَاقِدِيُّ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَكَانَتِ الْمُهَاجَرَةُ الْأَوْلَى إِلَى الْحَبَشَةِ خَرَجَتْ فِي شَهْرِ رَجَبٍ فَلَمَّا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ رَجَعُوا فَوَجَدُوهُمْ عَلَى حَالِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ فَهَاجَرُوا الثَّانِيَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَرْبَعَةُ لم يسجدوا والتعميم فِي كَلَام بن مَسْعُودٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَمَا قُلْتُهُ فِي الْمَطْلَبِ لَكِنْ لَا يُفَسَّرُ الَّذِي فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ إِلَّا بِأُمَيَّةَ لِمَا ذَكَرْتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ سُورَةُ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلغيره اقْتَرَبت السَّاعَة حَسْبُ وَتُسَمَّى أَيْضًا سُورَةُ الْقَمَرِ قَوْلُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ مُسْتَمِرٌّ ذَاهِبٌ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَفْظُهُ فِي قَوْلِهِ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قَالَ رَأَوْهُ مُنْشَقًّا فَقَالُوا هَذَا سِحْرٌ ذَاهِبٌ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ وَفِي آخِرِهِ تَلا الْآيَة إِلَى قَوْله سحر مُسْتَمر قَالَ يَقُولُ ذَاهِبٌ وَمَعْنَى ذَاهِبٌ أَيْ سَيَذْهَبُ وَيبْطل وَقيل سَائِر قَوْله مزدجر متناهي وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِلَفْظِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ قَالَ هَذَا الْقُرْآنُ وَمِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أُحِلَّ فِيهِ الْحَلَالُ وَحُرِّمَ فِيهِ)
الصفحة 615