كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)
(قَوْلُهُ سُورَةُ الرَّحْمَنِ)
()
كَذَا لَهُمْ زَادَ أَبُو ذَرٍّ الْبَسْمَلَةَ وَالْأَكْثَرُ عَدُّوا الرَّحْمَنِ آيَةً وَقَالُوا هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَر وَقيل تَمام الْآيَة علم الْقُرْآن وَهُوَ الْخَبَرُ قَوْلُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ بِحُسْبَانٍ كَحُسْبَانِ الرَّحَى ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِأَبْسَطَ مِنْهُ قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ يُرِيدُ لِسَانَ الْمِيزَانِ سَقَطَ وَقَالَ غَيْرُهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَهَذَا كَلَام الْفراء بِلَفْظِهِ وَقد أخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْمُغِيرَةِ قَالَ رأى بن عَبَّاسٍ رَجُلًا يَزِنُ قَدْ أَرْجَحَ فَقَالَ أَقِمِ اللِّسَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَأخرج بن الْمُنْذر من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ قَالَ اللِّسَانَ قَوْلُهُ وَالْعَصْفُ بَقْلُ الزَّرْعِ إِذَا قُطِعَ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ فَذَلِكَ الْعَصْفُ وَالرَّيْحَانُ رِزْقُهُ وَالْحَبُّ الَّذِي يُؤْكَلُ مِنْهُ وَالرَّيْحَانُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الرِّزْقُ هُوَ كَلَامُ الْفَرَّاءِ أَيْضًا لَكِنْ مُلَخَّصًا وَلَفْظُهُ الْعَصْفُ فِيمَا ذَكَرُوا بَقْلُ الزَّرْعِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ خَرَجْنَا نَعْصِفُ الزَّرْعَ إِذَا قَطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ وَالرَّيْحَانُ رِزْقُهُ وَهُوَ الْحَبُّ إِلَخْ وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ وَيَقُولُونَ خَرَجْنَا نَطْلُبُ رَيْحَانَ اللَّهِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيّ من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْعَصْفُ وَرَقُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ الَّذِي قَطَعُوا رُءُوسَهُ فَهُوَ يُسَمَّى الْعَصْفُ إِذَا يَبِسَ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ بن عَبَّاسٍ الْعَصْفُ أَوَّلُ مَا يُخْرِجُ الزَّرْعُ بَقْلًا قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْعَصْفُ يُرِيدُ الْمَأْكُولَ مِنَ الْحَبِّ وَالرَّيْحَانُ النَّضِيجُ الَّذِي لَمْ يُؤْكَلْ هُوَ بَقِيَّةُ كَلَامِ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ الْعَصْفُ الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَمن طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الرَّيْحَانُ حِينَ يَسْتَوِي الزَّرْعُ عَلَى سُوقِهِ وَلَمْ يُسَنْبِلْ قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ وَالرَّيْحَانُ الرزق وَقد وَصله الْفرْيَابِيّ من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ مُفَرِّقًا قَالَ الْعَصْفُ وَرَقُ الْحِنْطَةِ وَالرَّيْحَانُ الرِّزْقُ قَوْلُهُ وَقَالَ الضَّحَّاكُ الْعَصْفُ التِّبْن وَصله بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ أَخْرَجَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَأَخْرَجَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الْعَصْفُ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ تُسَمِّيهِ النَّبَطُ هَبُورًا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ بِهَذَا وَأَبُو مَالِكٍ هُوَ الْغِفَارِيُّ كُوفِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ اسْمُهُ غَزْوَانُ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ وَالنَّبَطُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ طَاءٍ مُهْمَلَةٍ هُمْ أَهْلُ الْفِلَاحَةِ مِنَ الْأَعَاجِمِ وَكَانَتْ أَمَاكِنُهُمْ بِسَوَادِ الْعِرَاقِ وَالْبَطَائِحِ وَأَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى أَهْلِ الْفِلَاحَةِ وَلَهُمْ فِيهَا مَعَارِفُ اخْتُصُّوا بِهَا وَقَدْ جَمَعَ أَحْمَدُ بْنُ وَحْشِيَّةَ فِي كِتَابِ الْفِلَاحَةِ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ عَجِيبَةً وَقَوْلُهُ هَبُورًا بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ الْخَفِيفَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا رَاءٌ هُوَ دقاق الزَّرْع بالنبطية وَقد قَالَ بن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى كعصف مَأْكُول قَالَ هُوَ الْهَبُورُ تَنْبِيهٌ قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَالرَّيْحَانُ بِالضَّمِّ عَطْفًا عَلَى الْحَبِّ وَقَرَأَ
الصفحة 621