كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ إِرَمُ أُمُّهُ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ إِرَمَ قَبِيلَةٌ وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ إِرَمُ هِيَ دمشق وَمن طَرِيق عَطاء الخرساني قَالَ إِرَمُ الْأَرْضُ وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ الْإِرَمُ الْهَلَاكُ يُقَالُ أَرَمَ بَنُو فُلَانٍ أَيْ هَلَكُوا وَمِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ نَحْوَهُ وَهَذَا عَلَى قِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ قُرِئَتْ بِعَادٍ أَرَّمَ بِفَتْحَتَيْنِ وَالرَّاءُ ثَقِيلَةٌ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ وَذَات بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَيْ أَهْلَكَ اللَّهُ ذَاتَ الْعِمَادِ وَهُوَ تَرْكِيبٌ قَلِقٌ وَأَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْأَوَّلُ أَنَّ إِرَمَ اسْمُ الْقَبِيلَةِ وَهُمْ إِرَمُ بْنُ سَامِ بْنِ نُوحٍ وَعَادٌ هُمْ بَنُو عَادِ بْنِ عَوْصِ بْنِ إِرَمَ وَمُيِّزَتْ عَادٌ بِالْإِضَافَةِ لِإِرَمَ عَنْ عَادٍ الْأَخِيرَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْأَحْقَافِ أَنَّ عَادًا قَبِيلَتَانِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى وَأما قَوْله ذَات الْعِمَاد فَقَدْ فَسَّرَهُ مُجَاهِدٌ بِأَنَّهَا صِفَةُ الْقَبِيلَةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أهل عَمُود أَي خيام وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ ذَاتِ الْعِمَاد الْقُوَّةِ وَمِنْ طَرِيقِ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَرَأْتُ كِتَابًا قَدِيمًا أَنَا شَدَّادُ بْنُ عَادٍ أَنَا الَّذِي رَفَعْتُ ذَاتَ الْعِمَادِ أَنَا الَّذِي شددت بذراعي بطن وَاد وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قِلَابَةَ قِصَّةً مُطَوَّلَةً جِدًّا أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لَهُ وَأَنَّهُ وَقَعَ فِي صَحَارِي عَدَنَ وَأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى مَدِينَةٍ فِي تِلْكَ الْفَلَوَاتِ فَذَكَرَ عَجَائِبَ مَا رَأَى فِيهَا وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُهُ أَحْضَرَهُ إِلَى دِمَشْقَ وَسَأَلَ كَعْبًا عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ بِقِصَّةِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ بَنَاهَا وَكَيْفِيَّةِ ذَلِكَ مُطَوَّلًا جِدًّا وَفِيهَا أَلْفَاظٌ مُنْكَرَةٌ وَرَاوِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قِلَابَةَ لَا يُعْرَفُ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ قَوْلُهُ سَوْطَ عَذَابٍ الَّذِي عُذِّبُوا بِهِ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ مَا عُذِّبُوا بِهِ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ كُلُّ شَيْءٍ عَذَّبَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ سَوْطُ عَذَابٍ وَسَيَأْتِي لَهُ تَفْسِيرٌ آخَرُ قَوْلُهُ أَكْلًا لَمًّا السَّفُّ وَجَمًّا الْكَثِيرُ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ السَّفُّ لَفُّ كُلِّ شَيْءٍ وَيُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا قَالَ الْكَثِيرُ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَى السَّفِّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ فِي النِّكَاحِ قَوْلُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفْعٌ السَّمَاءُ شَفْعٌ وَالْوَتْرُ اللَّهُ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِأَتَمِّ مِنْ هَذَا وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ فَقَالَ هِيَ الصَّلَاةُ بَعْضُهَا شَفْعٌ وَبَعْضُهَا وَتْرٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ رَاوِيًا مُبْهَمًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَسَقَطَ مِنْ رِوَايَتِهِ الْمُبْهَمُ فَاغْتَرَّ فَصَحَّحَهُ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَفَعَهُ قَالَ الْعَشْرُ عَشْرُ الْأَضْحَى وَالشَّفْعُ يَوْمُ الْأَضْحَى وَالْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ قَالَ الْفَجْرُ فَجْرُ النَّهَارِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ عَشْرُ الْأَضْحَى وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ بن الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الشَّفْعُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ وَالْوَتْرُ الْيَوْمُ الثَّالِثُ تَنْبِيهٌ قَرَأَ الْجُمْهُورُ الْوَتْرَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَقَرَأَهَا الْكُوفِيُّونَ سِوَى عَاصِمٍ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَاخْتَارَهَا أَبُو عُبَيْدٍ قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ سَوْطَ عَذَابٍ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ يَدْخُلُ فِيهِ السَّوْطُ هُوَ كَلَامُ الْفَرَّاءِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ جَرَى بِهِ الْكَلَامُ لِأَنَّ السَّوْطَ أَصْلُ مَا كَانُوا يُعَذِّبُونَ بِهِ فَجَرَى لِكُلِ عَذَابٍ إِذْ كَانَ عِنْدَهُمْ هُوَ الْغَايَةُ قَوْلُهُ لَبِالْمِرْصَادِ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ أَيْضًا وَالْمِرْصَادُ مِفْعَالٌ مِنَ الْمَرْصَدِ وَهُوَ مَكَان الرصد وَقَرَأَ بن عَطِيَّةَ بِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ فَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ الْمِرْصَادُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَيِ الرَّاصِدِ لَكِنْ أُتِيَ فِيهِ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِ الْبَاءُ فِي فَصِيحِ الْكَلَامِ وَإِنْ سُمِعَ ذَلِكَ نَادِرًا فِي الشِّعْرِ وَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلَالِ اللَّهِ وَاضِحٌ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّكَلُّفِ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ بِمِرْصَادِ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ قَوْلُهُ تَحَاضُّونَ تُحَافِظُونَ وَتَحُضُّونَ تَأْمُرُونَ بِإِطْعَامِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ قَرَأَ الْأَعْمَشُ وَعَاصِمٌ بِالْأَلِفِ وَبِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ أَوَّلَهُ وَمِثْلُهُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ لَكِنْ بِغَيْرِ

الصفحة 702