كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 8)

وَالصَّوَابُ أَثْقَلَ بِمُثَلَّثَةٍ وَآخِرُهَا لَامٌ وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ هَذَا وَهْمٌ فِي رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ وَوَقَعَ عِنْدَ بن السَّمَّاكِ أَثْقَلَ بِالْمُثَلَّثَةِ هُوَ أَصَحُّ قَالَ عِيَاضٌ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَوَقَعَ عِنْد بن السَّكَنِ وَيُرْوَى أَثْقَلَ وَهُوَ الصَّوَابُ قَوْلُهُ وَيُرْوَى أَثْقَلَ وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ أَتْقَنَ كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ وَزَادَ فِيهِ قَالَ الْفَرَبْرِيُّ سَمِعت أَبَا معشر يَقُول انقض ظهرك أَثْقَلَ وَوَقَعَ فِي الْكِتَابِ خَطَأٌ قُلْتُ أَبُو مَعْشَرٍ هُوَ حَمْدَوَيْهِ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبُخَارِيُّ كَانَ يَسْتَمْلِي عَلَى الْبُخَارِيِّ وَيُشَارِكُهُ فِي بَعْضِ شُيُوخِهِ وَكَانَ صَدُوقًا وَأُضِرَّ بِأُخْرَةٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ الَّذِي أنقض ظهرك قَالَ أَثْقَلَ قَالَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ تَقُولُ الْعَرَبُ أَنْقَضَ الْحِمْلُ ظَهْرَ النَّاقَةِ إِذَا أَثْقَلَهَا وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّقِيضِ وَهُوَ الصَّوْتُ وَمِنْهُ سَمِعْتُ نَقِيضَ الرَّحْلِ أَيْ صَرِيرَهُ قَوْلُهُ مَعَ الْعسر يسرا قَالَ بن عُيَيْنَةَ أَيْ إِنَّ مَعَ ذَلِكَ الْعُسْرِ يُسْرًا آخَرَ كَقَوْلِهِ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الحسنيين وَهَذَا مصير من بن عُيَيْنَةَ إِلَى اتِّبَاعِ النُّحَاةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ النَّكِرَةَ إِذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى وَمَوْقِعُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ كَمَا ثَبَتَ لِلْمُؤْمِنِينَ تَعَدُّدُ الْحُسْنَى كَذَا ثَبَتَ لَهُمْ تَعَدُّدُ الْيُسْرِ أَوْ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِأَحَدِ الْيُسْرَيْنِ الظَّفَرُ وَبِالْآخَرِ الثَّوَابُ فَلَا بُدَّ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ أَحدهمَا قَوْله وَلنْ يغلب عسر يسرين وروى هَذَا مَرْفُوعًا مَوْصُولًا وَمُرْسَلًا وَرُوِيَ أَيْضًا مَوْقُوفًا أما الْمَرْفُوع فَأخْرجهُ بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَلَفْظُهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّ مَعَ الْيُسْرِ يُسْرًا أَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيث بن مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ الْعُسْرُ فِي جُحْرٍ لَدَخَلَ عَلَيْهِ الْيُسْرُ حَتَّى يُخْرِجَهُ وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يسرا إِن مَعَ الْعسر يُسْرًا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ بن مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَّرَ أَصْحَابَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ يَقُولُ مَهْمَا يَنْزِلُ بِامْرِئٍ مِنْ شِدَّةٍ يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ بَعْدَهَا فَرَجًا وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُمَرَ لَكِنْ مِنْ طَرِيقٍ مُنْقَطِعٍ وَأخرجه عبد بن حميد عَن بن مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَأَخْرَجَهُ الْفَرَّاءُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَوْلُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ فَانْصَبْ فِي حَاجَتِكَ إِلَى رَبك وَصله بن الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ فِي صَلَاتك وَإِلَى رَبك فارغب قَالَ اجْعَلْ نِيَّتَكَ وَرَغْبَتَكَ إِلَى رَبِّكَ وَأَخْرَجَ بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ إِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْجِهَادِ فَتَعَبَّدْ وَمِنْ طَرِيق الْحسن نَحوه قَوْله وَيذكر عَن بن عَبَّاس ألم نشرح لَك صدرك شرح الله صَدره لِلْإِسْلَامِ وَصله بن مرْدَوَيْه من طَرِيق بن جريج عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ وَفِي إِسْنَادِهِ رَاوٍ ضَعِيفٌ تَنْبِيهٌ لَمْ يَذْكُرْ فِي سُورَةِ أَلَمْ نَشْرَحْ حَدِيثًا مَرْفُوعًا وَيدخل فِيهَا حَدِيث أخرجه الطَّبَرِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ يَقُولُ رَبُّكَ أَتَدْرِي كَيْفَ رَفَعْتُ ذِكْرَكَ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ إِذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي وَهَذَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي تَفْسِيرِهِمَا قِصَّةَ شَرْحِ صَدْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّة

الصفحة 712